الحجاج بن يوسف .. ما له و ما عليه

الحجاج بن يوسف .. ما له و ما عليه

الحجاج بن يوسف ، والي عربي و قائد عسكري عاصر بني أمية، ناصرهم و نصرهم.




شخصية أثارت الجدل في حياته و بعد مماته إلى وقتنا هذا.

حينما تقرأ عن سيرة الحجاج بن يوسف، تجد شيئا ما يثير فضولك، تريد أن تعرفه عن هذا الرجل.

شخصية تستفز التساؤلات داخلك، من هذا الرجل و لماذا فعل هذا و فعل ذاك.

لقد فعل كل المتناقضات، فتوحات إسلامية كبيرة على يده و تعظيمه للقرآن الكريم و…….

و تجده أيضا سفاحا و سفاكا للدماء، لا قلب له، جبارا لا يهاب شيء.

عن نشأته :

هو أبو محمد كليب بن يوسف بن الحكم الثقفي ( نسبة إلى أصوله من ثقيف) و المعروف ب الحجاج الثقفي.

نشأ نشأة طيبة في كنف أب معلم للقرآن الكريم و سار على درب ابيه في البداية، معلما و محفظا للقرآن الكريم.

و لم يدم هذا الأمر طويلا، فالحجاج المولود في الطائف لم يرق له أن يظل تحت حكم آل الزبير.

فغادرها إلى الشام، و هناك كانت انطلاقة داهية من دواهي العرب سياسيا و عسكريا.

كان ذلك في عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، و كانت الشام وقتها تعيش فترة ليست بالجيدة تحت امرته.

و الجنود فيها لا يعطون بالا لأولي الأمر، و لكن الوافد الجديد كان على عكس ذلك.

فأبدى الحجاج بن يوسف التزاما واضحا في عمله و شدة يراها الجميع.

أعجب بذلك قائد الشرطة وقتها هناك بروح بن زباع و عرفها له.

فقربه منه و أخبر الخليفة عبدالملك بن مروان و قربه منه أيضا.

فعينه الخليفة قائدا عليهم فلم يعرف معهم لين و ما عاملهم الا بالشدة.

ضرب على أيدي العصاة و هددهم بكل ما يمكنه به تهديدهم، و بدأوا يهابونه حتى صار كلامه مطاعا لديهم.

اقرأ أيضا  موقعة صفين و الأيام التسعة

و كان هذا اول ما للحجاج بأن أعاد السيطرة على الشرطة و يتوالى بعد ذلك ما له و ما عليه.

الحجاج بن يوسف – ما له :

الحجاج بن يوسف سيرة طويلة بين الإخفاقات و النجاحات، ذكرت في العديد و العديد من المصادر جملة و تفصيلا.

سنحاول هنا الحديث عنها على هيئة نقاط.

– إذن لا خلاف أن أول ما له هو أنه كان معظما للقرآن و هذه واحدة شهد له بها الجميع، مؤيدين و معارضين.

– أعاد السيطرة على الشرطة التي كاد أن يفلت أمرها من يد الخليفة.

– لم يكن أبدا الحجاج طامعا في المال و لم يذكره احد بأنه لهث وراء ملذات الدنيا، بل عرف عنه الزهد فيها.

– سمى الحجاج نفسه ب ” مبير المنافقين” فقد كان يكره النفاق و الكذب.

– قتاله ل عبدالرحمن بن الاشعث و تحقيق نصرا كبيرا و التخلص من أعداءه في سجستان ( أفغانستان حاليا ).

– من مناقبه أيضا، انه أثناء ولايته للعراق خرج عليه شبيب الشيباني و خرج بنفسه لحربه و انتصر فيها.

لكن كانت زوجة شبيب قد نذرت أن تصلي ركعتين في مسجد الكوفة بالبقرة و آل عمران، و لما عرف ذلك أقره و ما رده عليه وصلت في حراسة جنوده.

– هو من أنشأ مدينة واسط العراقية و اتخذ منها مقرا لحكمه.

– سك العملة باللغة العربية، و حول الدواوين الحكومية للعمل باللغة العربية بعد أن كانت تعمل بالفارسية.

– قام بعمل مسح شامل للأراضي العراقية و عمل على إصلاح القنوات المائية.

الحجاج بن يوسف – ما عليه :

– كان الأسوأ و النقطة الاكثر سوادا في تاريخه، حصار مكة و قتله عبدالله بن الزبير.

اقرأ أيضا  الاستبشار بالقرآن الكريم .. ما هو؟ هل يجوز؟ و ما هي صلاة الاستخارة و دعائها؟

حينما أراد عبدالملك بن مروان التخلص من عبدالله بن الزبير ارسل الحجاج بن يوسف على رأس جيش كبير.

حتى قيل إنه ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق، الأمر الذي رده عنه ابن تيمية فيما بعد.

– ولاه أمير المؤمنين على العراق، كرههم كرها لا مثيل له و كذلك هم.

و اول أيامه دخل المسجد بالكوفة ملثما مرتديا عمامة حمراء و قال فيها خطبته الشهيرة و التي كان مطلعها ” انا ابن جلا و طلاع الثنايا متى رفعت العمامة تعرفوني”

و مما جاء فيها أيضا “أما والله فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله.و

الله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.

ثم قال: والله يا أهل العراق، إن أمير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين يديه، فعجم عيدانها عوداً عوداً، فوجدني أمرّها عوداً، وأشدها مكسراً، فوجهني إليكم، ورماكم بي.

يا أهل العراق، يا أهل النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مناخ الضلال، وسننتم سنن الغي.

وأيم الله لألحونكم لحو العود، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. ”

و فيها أنه اهانهم و توعدهم حينما بدأ غلامه في قراءة خطاب امير المؤمنين لهم و لم يردوا عليه السلام.

حتى أنه لما عاد القراءة صاحوا لرد السلام بمجرد سماعه.

و ظل على هذا الحال طوال العشرين عاما التي قضاها في ولاية العراق، لا يفوت مناسبة الا سبهم و اهانهم و قال فيهم ما قال.

الحجاج بن يوسف و السيدة أسماء بنت أبي بكر :

بعد قتل عبدالله بن الزبير، ارسل الحجاج إليها طالبا أن تأتيه أسماء بنت أبي بكر.

رفضت، فبعث إليها من قال اما ان تأتي أو ابعث من يأتي بك من قرونك.

اقرأ أيضا  أركان الكعبة المشرفة

و رفضت ثانية، فذهب إليها، و حينما سألها عما صنع مع ولدها، ردت قائلة :

” رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم من النمل ونطاق لا بد للنساء منه.”

و قيل أيضا انها قالت له : ” أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير. ”

علاقة الحجاج بن يوسف و الوليد بن عبدالملك :

احب الوليد الحجاج كما احبه ابوه عبدالملك من قبله، و اخلص لهما الرجل أيما إخلاص.

أقره الوليد على ما كان ابوه قد أقره عليه و لم يغير شيئا.

بكاه الوليد بكاء شديدا بعد موته و قال عنه :

” كان أبي يقول أن الحجاج جلدة ما بين عينيه، أما أنا فأقول أنه جلدة وجهي كله.”

وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي :

توفي الحجاج بن يوسف في عام ٩٥ هجرية و هو المولود في عام ٤٠ من الهجرة.

و اغلب الظن انه مات بما يعرف في عصرنا هذا بسرطان المعدة.

و قيل إنه قبل موته قال:” اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل. ”

و روي أن جسده أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز على دعاءه هذا، و قد كان يكرهه كرها شديدا.



و مما جاء في وصيته كان : ” بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف:

أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *