جاذبية الأرض، قانون نيوتن و الجاذبية، الجاذبية الأرضية، معلومات عن الجاذبية

جاذبية الأرض

قبل أن نتحدث عن جاذبية الأرض نقول أن

المعروف أن الأجرام السماوية معلقة في الفضاء وهذه الأجرام تدور في

مساراتها حول الشمس ومعها أقمارها، تتبعها وتدور معها عن كثب، وهي

مستقرة في مساراتها، في اتزان تام فيما بينها لا تتشتت أو تتبعثر في الفضاء

الواسع بل ولا تخرج عن مساراتها التي دأبت أن تدور فيها.

ولقد تساءلت الإنسانية منذ عهودها السحيقة عن السماء كيف تظل

مرفوعة بلا عمد ولا دعامات تشاهدها العين وكيف بقيت على وضعها؟! وما

الذي يعلقها في الفضاء كي لا تسقط ؟

وحين عرف العلماء أن الكواكب تدور تساءلوا عن السر في ثباتها في

مساراتها فلا هي تتصادم ولا هي تتشتت أو تتبعثر!!

لقد ظلت هذه التساؤلات دون إجابات سوى أن الله يرفع السماء بلا عمد

إلى أن مكن الله سبحانه العلماء أن يحيطوا علما بسر من أسرار قدرته في

خلقه وقد شاء سبحانه في العصور الحديثة أن يتوصلا العلماء إلى أن القدرة الإلهية قد

اودعت في الذرات والجسيمات الكونية الأولية سرا هائلا هو سر الجاذبية، حيث

جعل سبحانه الأجسام قادرة منذ بدء الخليقة أن تتجاذب بعضها نحو البعض

حيث يزداد الجذب تبعا لازدياد الكتلة، ويشتد هذا التجاذب كلما تقاربت

الأجسام من بعضها البعض.

إن هذه الخاصية – خاصية الجاذبية أو دفع المادة للتجمع في صعيد واحد

توصل إليها العلماء تدريجيا بعد ملاحظاتهم التي قادتهم إلى التعرف على تلك

الخاصية، فقد لاحظوا كما لاحظ كل الناس أن كل شيء ما ارتفع إلا سقط

وهو يتجه عموديا نحو الأرض.

عبر جهود مجموعة من العلماء، توصل إسحاق نيوتن عالم الرياضيات

الإنجليزي (١٦٤٢ – ١٧٢ ) إلى التوصل إلى قانون الجاذبية الذي يفسر أحد

أكبر نواميس الوجود.

يقول القانون كما وضعه نيوتن: (إن كل جسم مادي يجذب أي جسم

آخر يجاوزه ليضمه إليه بقوة تتناسب مع حاصل ضرب كتلتيهما)

إن الأرض تجذب -على سبيل المثال- أي جسم عليها أو قريب منها بقوة

مع حاصل ضرب كتلتها في كتلة هذا الجسم، وهذا يفسر سبب تساقط

الأشياء إلى الأرض عندما تترك طليقة دون وجود قوة أخرى تمنعها من السقوط.

إن الأرض تجذب الإنسان وكذلك يجذب الإنسان الأرض، والأرض

تجذب الإنسان بمقدار جرمها، لذلك يظهر جذبها، أما الإنسان فلأنه يجذب

الأرض بمقدار جرمه فلا يظهر ذلك الجذب.

وكذلك الأشياء على ظهر الأرض يجذب بعضها بعضا، ولكن لا يتبين

جذبه لصغر الأشياء بالنسبة لما فوق الأرض من قوى، وكذلك كل الأشياء في

هذا الوجود يجذب كل شيء الأشياء الأخرى في أرض أو سماء أو ماء أو هواء

ولكن لا نحس هذا الجذب.

إن الإنسان فوق الأرض لا يستطيع أن يرتفع عنها؛ لأنه سجين الجاذبية ،

وهو أيضا سجين كل شيء حوله مما هو موجود فوق الأرض، ولكن هذا

السجن لا يمنع الإنسان والأشياء من أن تتحرك أفقيا ولكن إذا ابتعد قليلا أو

كثيرا في الفضاء ثم صار إلى حالة سكون فهو يسقط إلى الأرض لا محالة كأنها

مغناطيس ضخم تشد إليها كل ما عليها.

وكذلك الحال بالنسبة للأجرام السماوية فالشمس لما تتميز به من جسم

أكبر وكتلة عظيمة فهي ذات قوة عظيمة من الجاذبية تستطيع بها أن تبقي على

أسرتها أو أتباعها من حولها وأيضا بالجاذبية التي تتمتع بها الكواكب فإن أي

كوكب قادر على أن يبقي على أقماره بقوة جذبه لها.

الجاذبية وظهور الأجرام السماوية :

إن هذا القانون من أهم نواميس الله عز وجل في الوجود، بل كان له الأثر

الأكبر في هذا الوجود نفسه ذلك أن القدرة الإلهية حين أودعت في الجسيمات

الكونية الأولى سر الجاذبية أتاحت هذه القدرة لجزئيات المادة الكونية الأولى أن

تتجمع حول بعضها البعض لتكون بدايات الأجرام السماوية، ثم استمر هذا

التجاذب وكبرت هذه النويات وصارت قادرة على الجذب من مسافات بعيدة.

واستمر هذا الجذب حتى تكونت بدايات النجوم والكواكب والأقمار

وسائر الأجرام السماوية إلى أن تمت مرحلة نمو كل جرم وحدث الاستقرار في

وزنه وحجمه وشكله ثم شكلت المجموعات المتقاربة نسبيا من النجوم فيما بينها

ما أطلق عليه المجرة كل مجرة تشتمل على آلاف الملايين من النجوم كلها متزنة في

مواقعها بالنسبة لبعضها البعض على الرغم من كثرة أعدادها وضخامة أوزانها.

الجاذبية وثبات الكواكب في مواقعها:

تدور النجوم وتدور الكواكب في مداراتها ولا تحيد عنها رغم أنها تدور

منذ ملايين السنين، فلماذا لا تهوي هذه الكواكب وأقمارها جميعا في الفضاء

السحيق وتتبدد أو تتساقط إلى الشمس فتتجمع في صعيد واحد بسبب قانون

الجاذبية حيث إن الشمس ذات الكتلة الأكبر وبالتالي فهي ذات الجذب الأقوى.

إن علة ذلك أن هذه الأجسام تدور في مداراتها حول ما يكبرها، وعندما

تدور في مسار دائري أو شبه دائري تنشأ في الحال قوة أخرى هي من

طبيعة حركة

الدوران وبسببها، تعرف هذه القوة باسم “القوة الطاردة المركزية” وهي تعمل

على طرد الجسم بعيدا عن مركز الدوران.

تتعادل قوة جذب الشمس لكل كوكب مع هذه القوة الطاردة المركزية

فيظل الكوكب في مساره.

فيتفادى الوقوع أو السقوط أو الارتطام ببعضها البعض لذلك فإن

الكواكب تدور في مسارات حول النجوم، وتدور النجوم في مسارات حول

مركز المجرة، وتدور المجرات حول محاورها وذلك من أجل استنفاذ قوة الجاذبية

وتحويلها إلى حركة كونية دائمة فيثبت كل في موقعه ولولا ذلك لكان الكون قد

تحطم

الجاذبية والغلاف الجوي :

تتميز الأرض بوجود غلاف جوي يرتفع إلى نحو ألف كيلو متر فوق سطح

الأرض وهو ضروري للحياة واستمرارها فوق سطح الأرض.

هذا الغلاف الجوي يتكون من غازات: النيتروجين والأكسجين وغيرها

من الغازات الأخرى، ولابد له كي يبقى على ظهر الأرض من أن تكون قادرة

على جذبه والاحتفاظ به من أجل أن تصلح للحياة.

ولا يتحقق جذب هذا الغلاف الجوي إلا بالجاذبية الأرضية، ولا تتحقق

الجاذبية الأرضية إلا إذا كان وزن الأرض قد تعدى قيمة معينة حتى يتمكن من

الإمساك بهذا الغلاف الجوي وجذبه فلا تهرب مكوناته إلى الفضاء البعيد

والفسيح، وبهذا المعيار فإن الأرض بكتلتها القائمة قد تمكنت من الإمساك بهذا

الغلاف الجوي بغازاته الضرورية للحياة ولكن في الحدود التي تجعل هذا الغلاف

الغازي لا يلتصق بأسطح الأرض، وإنما يظل في صورته الراهنة كي يحقق

للأرض صلاحيتها للحياة.

فهو بدوره يسهم مع الجاذبية في تثبيت الأشياء فوق الأرض ويوفر فرصا

التنفس للكائنات الحية فضلا عن أنه هو القادر على أن يحقق السمع؛ لأنه هو

الذي يحمل الأصوات.

العوامل المؤثرة في قوى الجاذبية :

لاحظ العلماء أن قوى الجاذبية ليست واحدة فوق الأرض، أي أن وزن

الأشياء يختلف من مكان لآخر فيزيد في مكان عن مكان آخر وذلك لوجود

عوامل تؤثر في قوى الجاذبية الأرضية وذلك على النحو التالي :

١ – قوى الجاذبية تشتد كلما اقتربنا من مركز الأرض وبالتالي يزيد وزن

الأشياء عند خط الاستواء عنه إذا كان عند القطبين فإذا كان هناك إنسان قد تم

وزنه عند خط الاستواء ثم تحرك مثلا عند الشمال أو عند الجنوب في اتجاه أحد

القطبين فإن وزنه يزداد برغم أن كتلته (مقدار ما جمع من مادة) تظل ثابتة ،

وسبب ذلك أنه عند القطبين يكون أقرب إلى مركز الأرض بمسافة ١٣ ميلا عما

يكون عليه عند خط الاستواء.

فالمعروف أن قوة الجذب هي وزن الجسم فوزن الجسم هو مقدار قوة

جذب الأرض له حسب قوانين الجاذبية العامة التي صاغها إسحاق نيوتن عام

وقد لاحظ العلماء أن قوة جذب الأرض للأجسام تختلف من مكان لآخر

إذ هي تكون أقوى ما تكون عند مركز الكرة الأرضية أو مركز الجذب وتقل

تدريجيا فيما سواه وبالتالي يتغير وزن الجسم يحسب بعده أو قربه من مركز

الجذب.

وقد أجرى العلماء تجارب عديدة أكدت هذه الحقيقة.

فقد تبين أن الجرام عند خط عرض ٤٥ درجة يزن ٩٩٧ .٠ ثقل الجرام ،

ويزن ١٠٠٠٢ ثقل جرام عند القطب، وهذا يدل على أن وزن الجسم يتغير من

مكان لآخر على سطح الكرة الأرضية محسب بعده أو قربه من القطب.

٢ – تتغير قوى الجاذبية أيضا في الأماكن التي توجد بها سلاسل الجبال

العظمى فوق الأرض.

٣ – وأيضا تتغير قوى الجاذبية في الأماكن التي توجد بها الخنادق العميقة

في قاع البحار.

٤ – كما تتغي رقوى الجاذبية بسبب تغير كثافة المواد التي توجد نحت سطح

الأرض وعلى سبيل المثال فإن خامات المعادن تكون غالبا أكثر كثافة من

الصخور التي تحيط بها فتعمل على زيادة الجاذبية بينما مجد أن المناطق التي يوجد

بها بترول تقلل من تلك الجاذبية.

من الآثار الأخرى للجاذبية:

وفضلا عن أن الجاذبية هي التي تثبت الكرة الأرضية في الغلاف الجوي

(هي وسائر الكواكب والنجوم) نتيجة وجود قوى جذب بينها وبين الكواكب

الأخرى فإنها أيضا هي التي مجذب الماء في اتجاه البحر على الكرة الأرضية وذلك

لأن سطح الأرض منحدر انمحدارا طفيفا فتسبب دوام تدفق النهر منها إلى النقطة

السفلى من المنحدر.

وهي أيضا التي تسبب رؤية الشهب، فما الشهب إلا قطع من الصخور

تدور حول الشمس فإذا اقترب أحدها من الأرض جذبته إليها بسبب الجاذبية

فهي تتوهج بمرورها خلال الهواء ثم تتحول إلى رماد وكذلك تفعل مع النيازك

فالجاذبية هي التي تسقطها فوق الأرض. والجاذبية بعد ذلك كله هي التي تجعل

للأشياء وزنا.
محمد إسماعيل الجاويش