محيي إسماعيل .. العبقري الذي أعادته السوشيال ميديا للذاكرة

محيي إسماعيل .. العبقري الذي أعادته السوشيال ميديا للذاكرة .. قيصر السينما المصرية

محيي إسماعيل ، إمبراطور السيكو دراما و قيصرها، العبقري الذي أثبت لنا شيئا…..



كثيرا ما تنسينا هموم الحياة أشخاصا كانت لهم أدوارا في حياتنا يوما ما، فهكذا هي الحياة.

و كثيرا أيضا ما يلعب القدر على عكس ذلك و يأتي بهم من جديد لنتذكرهم و تصحو تلك الذكريات النائمة.

هذا ما حدث مع الفنان القدير ” محيي إسماعيل ” فبعد أن توارى عن الأضواء إلى حد كبير، تفاجئنا السوشيال ميديا به من جديد.

كان ذلك من خلال لقاء عابر لا يتعدى الثلاث دقائق أثناء إنعقاد مهرجان الإسكندرية في جولته الأخيرة، سجله لإحدى القنوات التلفزيونية.

و فاجأ محيي إسماعيل الجميع بتصريحات مدوية عن عبقريته و وضعه في خريطة السينما العالمية، فأصاب البعض بالذهول.

و كعادة المصريين لم يفوتوا الفرصة و أصبح ذلك الحوار القصير حديث مواقع التواصل الاجتماعي منذ ذلك اليوم و إلى الآن.

و لا يخلو اي يوم من ظهور المزيد و المزيد من الكوميكس و مقتطفات مختلفة من أحاديثه.

بل و أصبح مادة خصبة لخلق عشرات الكوميكس، حتى غزت صورة محيي إسماعيل مواقع التواصل الاجتماعي، مع إختلاف ما إرتبط بها من كلمات.

و صراحة كانت كلماته بالفعل تملئها الثقة، كلمات ثابتة لا يعتريها أي إهتزاز.

أضف إلى ذلك أن له تاريخا ليس بالقليل في ذلك المجال من الأحاديث الغير مألوفة.

جنبا إلى جنب مع ذلك النوع من التصريحات الرنانة ” إن لم يقف الناس عندها كما حدث تلك المرة” .

المميز :

فمحيي الدين إسماعيل عرف عنه أداءه التمثيلي المتميز للأدوار المركبة.

تلك الأدوار التي تتسم بقدر كبير من السيكوباتية، و يبدو هذا واضحا أيضا حينما يتحدث الرجل خارج البلاتوه أيضا.

اقرأ أيضا  أهم الأفلام الإستعراضية فى تاريخ السينما المصرية

حتى لقب إسماعيل برائد السيكودراما في مصر، كما لقب بالقصير أيضا.

كما يتضح لنا من خلال مقابلاته التلفزيونية أنه صاحب شخصية مثقفة إلى حد لا ندري به نحن.

كما يبدو أيضا أن له رؤية دقيقة لترجمة الأمور من حوله و أن له على قدر كاف من الدراية بتحليل الأمور من حوله.

و لكن من هو محيي إسماعيل الذي لا نعرفه؟

محيي الدين محمد إسماعيل من مواليد مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة.

و ولد في الثامن من نوفمبر عام ١٩٤٦ لأب متعلم و يشغل منصبا مرموقا في مديرية التربية والتعليم و أم كانت هي ابنة عمدة القرية.

و كانت الأسرة مكونة من ستة صبيان و ثلاثة بنات إلى جانب الأب والأم.

دراسته :

تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل، و درس الفلسفة في كلية الآداب.

أعماله :

تنوعت أدواره بشكل كبير و كانت غالبا أدورا معقدة و مركبة و تحتاج إلى إحترافية كبيرة لأداءها.

و لكنها كانت غالبا أدوارا ليست ذات مساحة كبيرة.

كما برع أيضا في تقمس الشخصيات و نجح في ذلك نجاحا كبيرا.

من أهم أدواره المسرحية ” سليمان الحلبي” و ” الليلة السوداء”.



و من أعماله السينمائية:

” الرصاصة لا تزال في جيبي”، ” خلي بالك من زوزو” و هو فيه صاحب الجملة الشهيرة ( جمعاء جمعاء) ” الطائرة المفقودة”.

و لعل أبرزها كان ” الإخوة الأعداء”، ذلك العمل الذي كافئه عليه الرئيس الراحل محمد أنور السادات بناء على ما ذكره اسماعيل نفسه.

و الذي جسد فيه دور حمزة بن عزيزة الهبلة.

فبعد أن شاهد السادات العمل ظن أن محيي إسماعيل مريض فعلا.

و حينما واجهه بذلك و أخبره الآخر أنه ليس بمريض طلب منه إعطاءه سكن و بالفعل استجاب له السادات.

اقرأ أيضا  الامثال الشعبية .. أصول بعض الامثال الشعبية .. تعرف عليها.

و قال محيي إسماعيل عن هذا الدور أنه كان علامة فارقة في حياته.

و لكن هناك مفارقة غريبة أن بسبب هذا العمل ظل إسماعيل بدون اي عمل لمدة ثلاث سنوات.

و من الممكن أن يفسر ذلك أن المخرجين ربما تخوفوا من إسناد اي أدوار له.

و ربما هو من رفض أداء أدوار أقل إبهارا من هذا الدور اللامع.

و من أفلامه أيضا : الكنز ( الجزئين)، مولد يا دنيا، حد سامع حاجة و شهد الملكة.

و من أهم المحطات في حياته إشتراكه في المسلسل السوري ” القيصر”.

ذلك المساس الذي كان سببا في إعطاءه هو شخصيا لقب القيصر.

كما جسد أيضا شخصية الطبيب المتعلم المثقف في فيلم ” حلاوة الروح”.

و هي تلك الشخصية التي اعتبرها الأقرب لشخصيته.

عبقرية ام جنون؟

لعل هذا هو أهم الأسئلة التي قد يفكر فيها البعض حينما يحاول ان يحلل شخصية محيي إسماعيل.

هل هذا الرجل عبقري أم مجنون؟

محيي إسماعيل هو الفنان الذي أثبت لنا أن هناك شعرة تفصل بين العبقرية و الجنون.

هذا الرجل يتأرجح على هذه الشعرة كيفما شاء.

إذا أراد أن يشعرنا بجنونه فعلها.

و إذا ما شاء أن يظهر لنا عبقريته فهذا أمر سهل عليه.

بالطبع لم نكن نعرف عنه الكثير حتى مؤخرا.

فقط كنا نشاهده في أدواره ذات المساحة التي ليست بالكبيرة في معظم أعماله الفنية.

و حينما يطل علينا في البرامج التليفزيونية المختلفة، نشاهد رجلا يتكلم بعنجهية ( قد رآها البعض غير مبررة).

ملابسه دائما غير تقليدية، تدل على شيء واحد فقط، هو أنه نمط غير تقليدي من الفنانين.

نمط يهوى كل ما هو غير نمطي، الفن بداخله و خارجه و هيئته.

اقرأ أيضا  أهم الأفلام الإستعراضية فى تاريخ السينما المصرية

و لم يسبق لنا ابدا ان تعمقنا في البحث وراء هذا الرجل المختلف.

و لكن مع ثورة المعلومات الحضارية الحديثة و سهولة توفرها و الحصول عليها أجبرنا هذا الرجل أن نبحث عنه و نعرف عنه أكثر.

و عند متابعة مقتطفات من أحاديثه التلفزيونية المختلفة و مشاهدة بعض أدواره تستطيع أن تصل إلى بعض الاستنتاجات.

هو على قدر عال جدا من الثقافة، الأمر الذي نفتقده في معظم الفنانين متصدري المشهد في زمننا الراهن.

بالفعل له قدرة تحليلية تحترم جدا.

فعندما تسمع له في تحليل قضية ما، تجد أن رأيه موضوعيا جدا و يجبرك على تقدير ذلك الرأي.

عند متابعة أدواره السينمائية تجد فعلا أن قدرته على تجسيد الشخصية تفوق الوصف.



إجادته التامة لأداء الشخصيات المعقدة المركبة تدل على كونه فنان من طراز رفيع المستوى.

تصريحاته النارية لا تشعر فيها ابدا ان مضمونها هو لفت الانتباه.

لا ،الأمر ليس كذلك، هذه هي شخصيته التي يؤمن بها.

حينما وصف نفسه بالعبقري، لم يكن متصنعا أبدا، بل هو يرى نفسه كذلك، و اعتقد نحن الآن.

أثبت لنا شيئا :

من الواضح انه لم يكتف بتحليل المواقف و الآخرين بل و حلل نفسه لنفسه أيضا.

إيمانه بكونه القيصر إيمان غير منقوص، بل هو يشعر بذلك قلبا و قالبا.

أبدع في إيصال كل ما يريد للمتلقي حتى اقنعنا جميعا بأنه مجنون.

و هذا هو قمة الإبداع، فقد اوصل لنا ما يريد، و ان يجعلك الفنان تراه كما يريد هو أن تراه، ذلك قمة النجاح.

و تلك هي عبقرية محيي إسماعيل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *