النجوم.. قياس المسافات بين النجوم.. حركة النجوم



قياس المسافات بين النجوم

إن قياس المسافة بين الأرض والنجوم بالأميال لا يجدي، وإذا فعلنا ذلك

يكون شأننا كشأن من يقيس محيط الكرة الأرضية بالسنتيمترات، لذلك صار

المقياس المناسب لقياس المسافات بين الأرض والنجوم، أو بين النجوم بعضها

البعض هو سرعة الضوء، وذلك لأن سرعة الضوء هي أكبر سرعة في الكون

حيث تبلغ ١٨٦٠٠٠ ميل في الثانية الواحدة، وهذا يعني أن أقرب نجم إلينا يصل

ضوؤه إلى الأرضى في شحو أربع سنوات، أي أن الضوء الذي نراه الآن لبذا

النجم يكون قد بدأ رحلته منذ أكثر من أربع سنوات ضوثية، وهي القدر المماثل

لقولنا ٢٥ مليون مليون ميل.

إن العلماء قد حسبوا أن الضوء يقطع في العام الواحد محوا من ٥.٨٨ مليون

ميلون ميل أي نمحو ٦ مليون مليون ميل، وأطلقوا على هذه الوحدة (ما يقطعه

الضوء في سنة). ثم اختصروا هذه العبارة بعبارة أكثر يسرا، وأطلقوا على هذه

الوحدة (سنة ضوئية).

ولقد اخذ العلماء هذا المقياس لسبب آخر هو أن سرعة الضوء تتميز

بالثبات. وبعد أن استقر الرأي بين العلماء على اعتبار السنة الضوئية هي وحدة

القياس التي يتم من خلالما قياس أبعاد الفضاء أصبح معروفا أن أقرب حجم إلى

الأرض هو قنطورس لأنه لا يبعد سوى ٢٦ مليون ميل، أي ما يساوي ٤٤ من السنة

أنه الآن بهذه الصورة التي

الضوئية، ورؤيتنا لمذا النجم على سبيل المثال لا يعني

نشاهده عليها، وذلك لأن الضوء الواصل إلينا اليوم وحين رؤيته يكون قد بدأ رحلته

من هذا النجم منذ ٤.٤ من السنين الضوئية، وبذلك نستطيع أن نقول إن النجم الذي

يبعد عنا ٢٠ سنة ضوئية نراه اليوم لكن في الحال التي كان عليها حين رحل ضوؤه

اقرأ أيضا  نجوم ختموا مسيرتهم في الدوري الأمريكي ( الجزء الثاني )

إلينا منذ ٢٠ سنة، أما النجم الذي يبعد عنا ألف سنة ضوثية فلربما يكون قد

تبدل حاله، ذلك أن ما نشاهده هو النجم منذ ألف سنة ضوثية.

عظمة المسافات بين النجوم

هذه المسافات قائمة بين النجوم وبين الأرض، وهي أيضا قائمة، بين

النجوم ذاتها، إذ أنه يوجد بين النجوم فراغ رهيب واتساع هائل، لا يجدي

قياسه إلا بالوحدة التي أجمع عليها الفلكيون وهي السنة الضوئية.

إن الأرقام الفلكية للنجوم والتي توصل إليها العلماء بحسابات

لهم.

واجهزتهم المعاصرة، قد قدرت أن عددها يصل إلى نمحو ١١٠٠٠ مليون مليون

مليون مجم أو شمس، وهذه الأرقام قد تدفعنا إلى أن نتوهم أن الكون مزدحم

بها، ذلك أن عقل الإنسان يربط بين الكثرة والزحام، ولكن الحقيقة أن هذه

الأعداد الرهيبة من النجوم تتباعد فيما بينها، ويكفي أن تعرف أن أقرب مجم إلى

شمسنا يبعد عنها شحوا من ٢٥ مليون مليون ميل. وهكذا تتباعد النجوم فيما

بينها ، وأيضا تتباعد المجرات ذات العدد الكبير هي الأخرى، بل إن الكواكب

داخل المجرة الواحدة بينها مسافات رهيبة، فمجرتنا التي ننتمي إليها تقدر المسافة

بين الشمس وبين أبعد كوكبها غو ٣٦٧٠ ميل. أما البعد بين مجرتنا وغيرها من

المجرات التي تحتوي الأرقام المذهلة من النجوم فاتساع هائل وبعد بعيد.

يقول الدكتور أحمد زكي موضحا هذا الاتساع: (صدق من سماه وإغما

على الرغم من أنه تسكنه نجوم عظيمة، ولكن عظمها هذا من التفاهة بالنسبة

لأبعاد الفضاء حتى ما يكاد يحس بأن شيئا يسكنه).


حركة النجوم

يكاد المرء يصيبه الذهول حين يتوصل إلى معرفة أحجام النجوم وأعدادها

الرهيبة التي تملا الفضاء، ولكن يزداد هذا الذهول حين يعرف أن هذه النجوم

بهذه الأوصاف ليست ساكنة، فهي لا تستقر في مكانها، إذ هي تتحرك دائما،

اقرأ أيضا  الشمس.. معلومات عن الشمس النجم الأهم للحياة على كوكب الأرض

لا تتحرك حول محورها، وتتحرك مبتعدة في الفضاء اللانهائي الممتد إلى لا

يعلم امتداده إلا الخالق القدير العليم.

لقد اتخذ العلماء مقاييس ثلاثة تحدد القدرة على تحريك الأجسام وهي

على النحو التالي :

١ – ثقل الأجسام: فتحريك الجسم ذي الوزن الثقيل تتطلب قدرة لا

يتطلبها تحريك الجسم ذي الوزن الخفيف.

٢ – سرعة تحريك الأجسام: إذ أنه كلما زاد الجسم بسرعة دل ذلك على

مزيد من القدرة.

٣ – استمرارية الحركة: فتحريك الجسم لمسافات بعيدة ولمدد طويلة يدل

على قدرة أكبر من تحريك أجسام لمسافات محدودة ولأوقات قصيرة.

وإذا تدبرنا هذه المقاييس وجدنا أن تطبيقها على حركة النجوم يشهد

للخالق العظيم بقدرة مذهلة وألوهية لا يخالها شك.

إن النجوم لها أوزان ضخمة، و يكفي أن نعرف أن الشمس وهي نجم

صغير بل ضئيل إذا قورن بغيرها من النجوم وزنها قدر وزن الأرض ٣٣٢٠٠٠

مرة، فإذا كان وزن الأرض فرضا ثلاثة جرامات فإن وزن الشمس يكون طنا.

ولقد حاول العلماء تحديد وزن الأرض وأول من حاول ذلك هو العالم

الفرنسي بوجير، وكان آخرهم هو العالم الأمريكي الدكتور هيل في عام ١٩٤٢

، وقد توصل إلى أنها ٥٩٦٠ مليون مليون مليون طن،

مثلا يوجد في برج هرقل الذي يوجد في مجرتنا نجم يبلغ

قطره ٧٠٠ مليون ميل ويستطيع هذا النجم أن يبتلع ٤٠٠ مليون شمس

وبالنسبة للمقياس الثاني وهو مقياس السرعة، محن نعلم أن الشمس تدور

مع المجرة حول محورها بسرعة تبلغ ٢٥٠ كيلو متر في الثانية، وتتم الدروة في

٢٢٥ سنة، وتتحرك أيضا حركة ثانية ، إذ

هي تدور حول نفسها مرة كل ٢٥

يوما في نظام عجيب دقيق لا يختل أبدا وكذلك تتحرك بقية النجوم.

اقرأ أيضا  النجوم.. النجوم المزدوجة.. النجوم النابضة.. النجوم والتنجيم.. النجوم والأرقام

وبالنسبة للمقياس الثالث وهو استمرارية الحركة مجد أنه حكم هذه

الحركات نظام دقيق لا يختل، ولا يحتمل فيه أي تغيير، فمثلا تسبح الشمس في

الفضاء ومعها توابعها وتوابع توابعها في حركة دورانية مندفعة في اتجاه معين نحو

غاية محددة، وله خط سير محدد معلوم. إذ أن أدنى اقتراب منها إلى الأرض يبلغ

١٤٧ مليون كيلو متر وأقصى بعد لها عن الأرض يبلغ ١٥٢ مليون كيلومتر،

هذا بالنسبة للشمس وهي إحدى النجوم المتوسطة ولكن هناك من النجوم ما هو

أكبر من الشمس بكثير يتحرك بسرعة عظيمة تبلغ عند دوائرها الاستوائية مائتي

ميل في الثانية.

الأمر العظيم حقا أن تتحرك النجوم وهي بهذه الأعداد الهائلة والأحجام

العظيمة بتلك السرعات الرهيبة، وفي انضباط واتساق عجيب ولا يحدث بينها

تصادم، بل كل ثابت في مكانه يدور ويتحرك بصفة دائمة كما قدر لها رب

الكون العظيم.

بقي أن تعرف أن حركات النجوم والكواكب في ثلاثة اتجاهات، فهي

تدور حول نفسها، تدور حول محورها، وفي الوقت نفسه تتحرك مع غيرها، كل

في مكانه، بل إن الأقمار لما أربع حركات (ليست من النجوم) فهي تدور حول

محورها ويدور كل منها حول الكوكب، ويتبع الكوكب في حركته حول

الشمس، ويدور أيضا مع نفس الكوكب في حركته مع الشمس حول المجرة،

وكل هذا في وقت واحد.

ومع هذه الكثرة الكاثرة للنجوم. ومع هذه الحركات العديدة. ومع

السرعات الرهيبة.

فإن النجوم لا تتصادم أثناء حركتها، إذ أن الطرق فسيحة للغاية مما .

بالمرور لها في أمان، فالمسافات بين النجوم واسعة واحتمال تصادم نجم بآخر كما

يرى العلماء هو واحد في كل ألف مليون، لذلك فإن حركة مرور النجوم في

السماء مكفول لها الأمن والسلامة.

محمد إسماعيل الجاويش


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *