أحمد لطفي السيد .. تاريخ طويل من الكفاح من أجل مصر

أحمد لطفي السيد .. تاريخ طويل من الكفاح من أجل مصر

أحمد لطفي السيد من مواليد الخامس عشر من يناير عام 1872.



ولد بقرية برقين التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، تلك القرية التي ربما سميت بذلك الاسم نسبة لقرية برقين الفلسطينية.

و والده هو السيد باشا أبو علي عمدة القرية و جده علي أبو سيد أحمد.

و كان والده حافظا لكتاب الله كاملا و ذو شخصية قوية عادلة القرار.

لم يكن والده أبدا بالقاسي على أبناءه بل كان عطوفا حنونا عليهم.

إلتحق بكتاب القرية و هو في الرابعة و مكث فيه مدة ستة سنوات، كان هذا الكتاب معروفا بكتاب الشيخة فاطمة.

أتم أحمد لطفي السيد حفظ القرآن الكريم و هو في العاشرة من عمره.

إشترى له والده، كمكافأة لحفظه للقرآن الكريم، مهرة و لم تكن قد تعودت على رؤية السكة الحديد بعد.

و حذره والده من الإقتراب للسكة الحديد بتلك المهرة و لكنه ذهب لهناك ذات يوم.

فإذا بالمهرة تنتفض و تفر مسرعة حينما رأت القطار و رجعت وحيدة للقرية.

إنزعج والده و أهل قريته كثيرا لذلك، و لكنهم سرعان ما طمأنهم سائق القطار.

فقد أبلغهم السائق أن راكب المهرة بخير فبعثوا له بحمار و عاد عليه.

لم يعنغه والده لذلك إطلاقا إنما عامله برفق و لين حتى لا يتكون لديه عقدة من ركوب الخيل عامة.



في مدرسة المنصورة الإبتدائية: 

أرسله والده بعد ذلك لمدرسة المنصورة الإبتدائية و كان بها قسما داخليا للمغتربين.

و كان التعليم هناك فيه شيئا من القسوة و الغلظة.

كما كان يسخر منه زملائه لنطقه حرف القاف جيما كأهل قريته.

و حينما ذهب والده لزيارته في اول زيارة إشتكى له صعوبة الحال هناك.

حتى أنه عوقب بالحبس في مرة من المرات. كما حكى له عن كمية الطعام القليلة التي كانت تقدم لهم.

فقد كانت تقدم لهم رغيفا و بعض من العدس أو الفول و ما دون ذلك فعليه أن يشتريه من ماله الخاص.

لكن والده هدأ من روعه و نصحه بالمواظبة على قراء القرآن و الصبر على الحال حتى يصل لما يريد.

و في عام 1885 أي بعد مرور ثلاث سنوات أنهى أحمد لطفي السيد دراسته الإبتدائية.

ما بعد الإبتدائية: 

و لم يكن هناك في المنصورة دراسة أعلى من ذلك مما دفع والده لإرساله لمدرسة الخديوية في القاهرة لإستكمال التعليم هناك.

و كان فيها شيئا من الترف و الرفاهية مقارنة بمدرسة المنصورة، و هناك تعرف على صديقه عبدالعزيز فهمي.

و إصطدم هناك بفكرة الفتوة التي كانت منتشرة في القاهرة و لم يكن الحال مختلف في المدرسة فقد كان لها فتواتها أيضا.

ثم دراسة الحقوق: 

و بعد التعليم الثانوي إلتحق بمدرسة الحقوق عام 1889.

و كان لجانب دراسة الحقوق يدرس الدين، النحو و الصرف.

و في 1893 سافر إلى إستانبول تزامنا مع زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني لها.

أثناء تلك الزيارة تعرف على إسماعيل صدقي و الذي تم ترحيله لمصر لما أبدى إعتراضه على بعض الأمور الخاصة بالدولة.

أثناء تواجده هناك ايضا تعرف على سعد باشا زغلول و ذهب معه لزيارة جمال الدين الأفغاني ليتتلمذ على يده.

ثم حصل على ليسانس الحقوق عام 1894 و تم تعيينه في النيابة.

و خلال تلك الفترة أسس جمعية خاصة سرية لتحرير مصر مع عبدالعزيز فهمي و أخرون.

كما ساهم في تأسيس الحزب الوطني في بداياته مع مصطفى كامل.

لمحات من حياة أحمد لطفي السيد :

سافر بعد ذلك لسويسرا عام 1897 و مكث هناك مع الشيخ محمد عبده، سعد زغلول.

كما جالس قاسم أمين الذي سمع منه الكثير عن تحرير المرأة.

حضر هناك مع الشيخ محمد عبده دروسا في الأدب و الفلسفة .

الشيء الذي أغضب الخديوي عباس حلمي إذ أنه لم يكن على وفاق مع الشيخ محمد عبده.

إستقال بعد ذلك من النيابة و إتجه بعد ذلك للمحاماة و إنصرف عنها هي الأخرى من أجل العمل في مجلة الجريدة.

و من هنا كان وجه له أول إتهام بالعمل لصالح الإنجليز ضد الخديوي عباس.

لكنهم أثبتوا عكس ذلك حينما وقعت حادثة دنشواي.

فبعد رحيل اللورد كرومر هاجم أحمد لطفي السيد و بشدة الإنجليز في مقال بالجريدة.

عين سكرتيرا عاما لحزب الأمة برئاسة محمود باشا سليمان.

ليطالب الحزب بالإستقلال و من ثم كان إتهامهم بالخروج عن الباب العالي.

كما أنتخب لمجلس مديرية الدقهلية عام 1917 عن دائرة برقين.

مواقفه السياسية: 

هاجم قانون المطبوعات الصادر عام 1909 والذي كان يقيد الحريات بشكل كبير.

توجه لمقابلة بطرس باشا غالي رئيس الوزراء لمحادثته في أمر مد إمتياز قناة السويس مقابل 4 مليون جنيه على مدار أربعين سنة.

كما نادى لعمل دستور خاص للبلاد عام 1910.

و دعى لعمل تمثال لمصطفى كامل بعد وفاته على الرغم من إنتمائه لحزب آخر.

سافر إلى باريس عام 1909 و وصفها في كتاب ” قصة حياتي ” ثم ذهب إلى لندن و التي تحدث أيضا عنها في كتابه.

و في عام 1911 ذهب لزيارة المدينة المنورة و التي كتب عنها الكثير و عن الروحانيات التي شعر بها هناك.

عام 1912 طالب الخديوي عباس بإعلان إستقلاله عن بريطانيا و ذلك لرفع الحرج عن مصر.

فقد كانت مصر تابعة للدولة العثمانية التي أعلنت تأييدها لألمانيا ببنما كانت مصر تابعة لبريطانيا.

و تصالح مع الخديوي عباس في 1914 و أصبح يلتقي به كل يوم سبت في ميعاد ثابت.

و في أثناء الحرب العالمية الأولى قال لرئيس الوزراء وقتها حسين رشدي باشا ” أتدخل الحرب مجانا با باشا “.

و إستقال بعد ذلك من رئاسة الجريدة في عام 1914 على إثر رفض طلبه و يئسه من الإستجابة لطلبه.

و في عام 1919 ألقي القبض على سعد باشا زغلول و قامت الثورة وقتها.

طالبت الثورة بإلغاء نفيه خارج البلاد و كان أحمد لطفي السبد واحد ممن ذهبوا لإستقباله و العودة معه.

كما كان عين في 1916 سكرتيرا لمجمع اللغة العربية و أسس الجامعة المصرية عام 1923.

و عين وزيرا للمعارف أيضا و إستقال عام 1932 لما حدث داخل الجامعة من إقالة للدكتور طه حسين.



خدم أحمد لطفي السيد بلده كثيرا و عانى من أجلها و من أجل النهوض بها سواء على مستوى السياسة أو التعليم.

رحم الله هذه الأجيال فقد عملت الكثير و الكثير من أجل مصر.

  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *