جنح الليل .. حديث جنح الليل عن النبي صلى الله عليه و سلم

جنح الليل .. علمنا نبينا محمد صلى الله عليه و سلم كل شيء من خلال السنة النبوية الشريفة.

” حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) ” ( سورة المائدة)

و ليس أدل على تمام الرسالة من هذه الآية الكريمة فلقد أبلغنا رسول الله صلى الله عليه و سلم رسالته كاملة بفضل الله و نعمته علينا.

فكانت الأحاديث الشريفة هي المصباح الذي نستنير به في حياتنا مع دستورنا في القرآن الكريم.

إلى جانب التشريعات المنزلة في القرآن الكريم أوضح لنا رسولنا الكريم العديد من الأمور من خلال الأحاديث الشريفة.

منها حديث جنح الليل الذي أهدانا به نبينا و سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.

و حديث جنح الليل يقدم لنا فيه رسولنا الكريم بعض النصائح التي تقينا شر الشيطان لعنه الله.

نص حديث جنح الليل :

( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا ،  وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ ) رواه البخاري و مسلم، صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم.

اقرأ أيضا  القضاء و القدر .. الإنسان مسير ام مخير.. فلسفة الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه

شرح حديث جنح الليل :

في هذا الحديث الشريف يأمرنا النبي صلى الله عليه و سلم و ينبهنا لبعض الأمور التي لو اتبعناها كفانا الله عز و جل و كفى أولادنا شر الشيطان.

و معنى جنح الليل أي أقبل الظلام و هو ما بعد الغروب بقليل.

و هنا يأمرنا النبي صلى الله عليه و سلم بألا نترك أبناءنا خارج البيت في ذلك الوقت.

لماذا ؟

علل ذلك الرسول الكريم بأن ذلك الوقت هو وقت انتشار الشياطين في الأرض.

و بكل تأكيد الشياطين موجودة في أي وقت من اليوم، لكن يوضح لنا هنا رسول الله إن هذا هو وقت انتشارهم و كثرتهم في الأرض.

و بذلك فإن بقاء الأطفال في ذلك الوقت يجعلهم عرضة للشياطين و هم غير محصنين مثل ما هو مع الكبار.

ثم يتلو ذلك بساعة السماح للأولاد بالانتشار.

ثم يأمرنا النبي أيضا بآداب جديدة يعلمنا إياها و منها غلق الأبواب عند النوم.

كما يأمرنا أيضا بضرورة التسمية عند غلق الأبواب.

و يوضح بأن الشيطان ليس له القدرة على فتح الأبواب المغلقة.

تابع شرح حديث جنح الليل:

يأمرنا هنا النبي صلى الله عليه و سلم بتغطية آنية الطعام و الشراب.

كما أمرنا أيضا بالتسمية عند التغطية.

و هنا يوضح لنا الرسول الكريم بضرورة وضع أي شيء و لو صغير على الآنية.

و يستكمل الحديث بالأمر باطفاء المصابيح أيضا عند الخلود للنوم.

كانت المصابيح قديما تصنع من النار فبذلك يكون المنزل عرضة للحريق لا قدر الله أثناء النوم.

و يمكن تطبيق هذه القاعدة حديثا أيضا لأن المصابيح حديثا تضاء بالكهرباء و ذلك أيضا يجعلها عرضة للماس الكهربائي، حفظنا الله و إياكم من كل شر و سوء.

اقرأ أيضا  سورة الملك..سورة تبارك …ثلاثون آيه مانعة من عذاب القبر كما قال النبى

و في نفس السياق:

هناك أيضاً حديث صحيح آخر عن النبي صلى الله عليه و سلم يقول فيه:

” غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاءً ولا يفتح باباً ولا يكشف إناءً، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل فإن الفويسقة – أي الفأرة – تضرم على أهل البيت بيتهم “

و أوكوا السقاء هنا تعني ربط القربة الموضوع فيها الماء و نحوه.

و عن النبي صلى الله عليه و سلم أيضا :

” لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون “

و هذا نهي واضح و صريح عن عدم ترك النار مشتعلة للإضاءة أثناء النوم.

كانت تلك بعض الآداب العظيمة التي علمنا إياها أشرف الخلق و المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم.

تفسير آخر للحديث

علَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه كيف يَتجنَّبون أذى الشَّيطانِ، وما يضُرُّهم في دُنياهم وآخرتِهم، فجاءتِ النَّصائحُ النَّبويةُ لتكونَ بمَنزلةِ قَوانينِ السَّلامةِ للمُحافَظةِ على مَصالحِ المسلمينَ، كما أخبر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ؛ فقال: «إذا كان جُنحُ اللَّيلِ أو» قال: «أمسَيْتُم» -شَكَّ أحدُ رواةِ الحديثِ- أي: إذا دخَلْتُم في المساءِ، وجُنْحُ اللَّيلِ: أوَّلُ ظلامِه، «فكُفُّوا صِبيانَكم» فامنَعوهم من الانتشارِ ومِن الخروجِ من البُيوتِ في ذلك الوقتِ؛ لأنَّ هذا وقتُ انتشارِ الشَّياطينِ، تذهَبُ وتجيءُ مِن بدايةِ مَغِيبِ الشَّمسِ إلى ذَهابِ ساعةٍ مِن اللَّيلِ، فإذا ذهَبَت ساعةٌ مِن اللَّيلِ، فاترُكوهم، وليس المقصودُ من السَّاعةِ السَّاعةَ المعهودةَ الآنَ التي تساوي ستين دقيقةً، بل المرادُ جزءٌ من الوقتِ، وقد خَشِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّبيانِ عند انتشارِ الجِنِّ والشَّياطينِ أن تُلِمَّ بهم فتصَرَعَهم؛ فإنَّ الشيطانَ قد أعطاه اللهُ قوةً على هذا، وقد عَلَّمَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ التعَرُّضَ للفِتَنِ مما لا ينبغي، والاحتراسَ منها أحزَمُ، على أنَّ ذلك الاحتراسَ لا يَرُدُّ قَدَرًا، ولكن لتبلُغَ النَّفسُ عُذْرَها.

اقرأ أيضا  صلاة الضحى .. وقت صلاة الضحى .. كيفية صلاة الضحى .. فضل صلاة الضحى
والحِكمةُ في انتشارِهم حينئذٍ أنَّ حرَكتَهم في اللَّيلِ أمكَنُ منها لهم في النَّهارِ؛ لأنَّ الظَّلامَ أجمعُ للقُوى الشَّيطانيَّةِ من غيرِه، وكذلك كلُّ سوادٍ، ويقالُ: إنَّ الشياطينَ تستعينُ بالظُّلْمةِ، وتَكرَهُ النُّورَ.

وكذلك أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإغلاقِ الأبوابِ، وذِكرِ اسمِ الله عند إغلاقِها؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَفتَحُ بابًا مُغلقًا؛ فإنَّ اللهَ لم يُعطِه القوَّةَ على ذلك، وإنْ كان أعطاهُ القدرةَ والقوَّةَ على غيرِ ذلك مِن الأمورِ، وأمَرَ أيضًا بإيكاءِ القِرَبِ، وهو شَدُّ رُؤوسِها بالرِّباطِ، وأمَرَ بتَخْميرِ الآنيةِ، وهو تَغطيتُها ولو بوضْعِ عُودٍ أو عصًا على عرْضِها، مع ذِكْرِ اللهِ عند فِعلِ هذه الأشياءِ، وأمَرَ بإطفاءِ المصابيحِ مع ذِكرِ اللهِ عند إطفائِها؛ لأنَّ المصابيحَ كانت تُضاءُ بالنَّارِ، وكانت الفأرةُ تَنزِعُ الفتيلَ وتجُرُّه فتَتسبَّبُ في إضرامِ النِّيرانِ.

والمقصودُ ذِكرُ اسمِ اللهِ تعالى مع كُلِّ فِعلٍ؛ صيانةً عن الشَّيطانِ والوَباءِ والحَشَراتِ والهوامِّ، على ما ورد عند البخاريِّ في الأدَبِ المفرَدِ: «مَن قال صَباحَ كلِّ يومٍ ومَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا: بِاسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهوَ السَّميعُ العَليمُ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ»، فذِكْرُ اللهِ هو الحِصنُ الحَصينُ من الشَّياطينِ.

والحديثُ يدُلُّ على أنَّ الشَّيطانَ إنَّما يَتسلَّطُ على المُفرِّطِ لا على المُتحرِّزِ.
وفي الحديثِ: أخْذُ الحَيطةِ والحذَرُ مِن كلِّ ما يضُرُّ.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *