‏العلاقات العاطفية نفق مظلم يبحث عن ضوء رادع

العلاقات العاطفية نفق مظلم يبحث عن ضوء رادع



الحب فطره أوجدها الله في نفوس عباده ولا أحد يستطيع العيش بدونه فالانسان بدون حب مثله كالجماد ليس له إحساس ولا شعور، وقد حد الله لنا قوانينه وضوابطه كما هو الحال مع كل شيء خلقه الله في دنيانا، ‏فالنبي عليه الصلاة والسلام له محبة مضبوطة بالإتباع و الطاعة و الصلاة عليه، وحب الوالدين له ضابط البر والإحسان، وهكذا…، فقد خلقنا الله وهو أعلم بحالنا وما يصلحنا وما هو خير لديننا ودنيانا و سوف نتحدث عن العلاقات العاطفية بشكل مستفيض.

كلام يحتاجه الناس عن العلاقات العاطفية

‏وفي عصرنا المتسارع اليوم و الانفتاح الكبير الذي نشهده من خلال التطور التقني أصبح التعارف وتكوين العلاقات العاطفية شكلاً أو مضمونا بين الشباب والفتيات في متناول الكل ولم يعد هناك حجابًا أو ستارًا يحول دون رؤية الفتاة أو الحديث معها كما كان في السابق،‏ونتيجة لهذا الانفتاح الضخم الذي صدره الغرب لنا وُجد شباب من الجنسين من يحاول يبني علاقات بدوافع مختلفة منها:
1_ الوصول للزواج الشرعي.
2_ الإستمتاع بالحديث مع الجنس الناعم.
3_ الإستمتاع بالتلاعب بمشاعر الجنس الآخر.
4_ إشباع الغريزة.
‏5_ حل أزمة الشعور بالنقص والتفاخر ب”تشبيك” الفتاة.
وغيرها من الدوافع التي يشترك في بعضها الجنسين مع الأسف الشديد.

وقد تكون هناك أسباب لذلك ولكن لا توجد في تلك الدوافع ولا غيرها مبررات شرعية ولا منطقية ولا واقعية تجعل تلك العلاقات مشروعة، ‏فعندما استأذن الصحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزنا فلم يجبه الرسول عليه الصلاة والسلام بالتحريم الشرعي فقط !! بل خاطبه بالمنطق والعقل والواقع وسأله: (هل ترضاه لأمك ؟ قال لا والله جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يرضوه لأمهاتهم، ‏قال فترضاه لبناتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك يا رسول الله، قال: ولا الناس يرضوه لبناتهم، قال: أفترضاه لأختك ؟ قال: لا والله جعلني فداك يا رسول الله، قال: ولا الناس يرضونه لأخواتهم…) الحديث.



أسباب العلاقات العاطفية بين الجنسين قبل الزواج

1_ضعف الوازع الديني واستشعار مراقبة الله، فلو استشعر المرء ذلك لعلم أن الله تعالى يراه وسيحاسب على ما فعل يوم القيامة وسيرجع ذلك الدين عليه وعلى أهله فيترك ما هو فيه.
‏2_ الاختلاط في المدارس والجامعات والعمل وهذا من أشد الاسباب لأن الشاب أو الفتاة يجتمعان في مكان واحد بدون رقيب ولا حسيب، فقد قال تعالى: ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن))

‏وهذا ما قد حذر منه رسول الله في الحديث: (لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم). وحرص النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها في حديث البخاري: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حتى يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم،
‏قال شهاب: فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم…)) الحديث.
وغيرها الكثير من الأحاديث التي تحذر من ذلك.
وتذكري أختي قوله تعالى: ((ولا تواعدوهن سرا)) وقوله: ((وأتوا البيوت من أبوابها))

اقرأ أيضا  الزوجة الصالحة هي منحة السماء- ما هي صفاتها و كيف تختارها و تحسن معاملتها.

‏” فإذا كان الشاب يريدك لماذا تسلق جدران بيت العفة ولم يدخل من باب أبويك وتعرف عليكم جميعا وتقدم للارتباط بك؟ فإذا كان صادقا فليتقدم…. ولا يتأخر.

ناهيك عن الأضرار الكبيرة والقصص الواقعية المؤلمة التي تنتج جراء ذلك، وأثبتت الكثير من الإحصائيات العربية والعالمية خطورة ذلك.

‏3_ضعف اشباع العاطفة عند الفتيات بشكل كبير وهذا خطأ الأسرة الوالدين والأخوة خاصة الذكور لأن الفتاة التي تكون مشبعة بالعاطفة لا تهتم لعلاقات قبل الزواج وإنما تتأثر التي تطمع فيما يسعدها من معسول الكلام وطيب التعامل مع الإكرام والتلطف وغيرها،

‏وهذا يحتاج الى الكثير من التوعية والإهتمام بهذا الجانب .

4_كثرة مشاهدة المسلسلات الرومانسية والتي تميل للحب والخيانة بين العاشقين، والتي ترسم الحياة بغير وجهها الحقيقي وتؤثر في حياة الإنسان وتزرع فيه أفكارا هدامة ومشاعر مصطنعة.

‏5_كثرة المجاهرة بالمعصية بين الشباب والفتيات والتفاخر بينهما بوجود حبيب/حبيبة، مما يثير الغرائز ويؤثر في السير نحو ذلك الطريق، ولهذا حذر النبي عليه الصلاة من ذلك فقال: (كل أمتي معافى الا المجاهرون).

‏وحذر الله عز وجل تحذيرا شديداً ووعيدا صريحاً من هذا الصنيع بالآية العظيمة فقال تعالى: ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)).

‏6_ضعف المراقبة من جهة الأسرة والإهمال في الرعية. فقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول .
7_انخفاض ثقافة الحوار داخل المنزل فيكون اللجوء إلى هذه الوسائل “للفضفضة” والتخفيف عن النفس ويكون الانحدار إلى الهاوية بعد ذلك من قبل الطرفين.

‏8_ضعف التوعية والإرشاد في المدارس والجامعات بعقوبة العلاقات المحرمة ونهاياتها المؤلمة والله المستعان ، والاسباب كثيرة جدآ ولا يمكن حصرها.

ويجب التذكير بأن العلاقات العاطفيه لا تقيس المشاعر بشكل دقيق لعدة أسباب على رأسها:
1_تصنع الطرفين والظهور بأفضل مظهر سلوكي.

‏2_المجاملة بإبداء الرأي والمبالغة في الإطراء.

وكما هو معلوم من أن الله لا يحرم شيء الا ويكون فيه ضرر علينا، لأن الله هو أعلم بما يضرنا وما ينفعنا وما يفسد علينا أمور ديننا ودنيانا وما يصلحها، فلابد من ذكر بعض الأضرار والآثار السلبية في هذه العلاقات العاطفية.

الأضرار والآثار السلبية في هذه العلاقات العاطفية

‏1_ فقدان التوازن الحياتي: فترى من اتخذ/ت خليلة يتسترون بعلاقتهم “أو تفاصيل علاقتهم” ولا يظهرونها وذلك دليل على جرم ما يفعلون وتيقنهم من ذلك، فلو كان أمرا ليس فيه شيء لما جعلهم يخفون ذلك فقد قال عليه الصلاة والسلام: (الاثم ما حاك في نفسك وخشيت أن يطلع عليه الناس) الحديث.
‏فكما نقدح في هذا التصرف ونرفضه فنحن نخشى على صاحب هذا الفعل، فهو ضعيف النفس فقد وزن الحياة وسيفقد ذلك أكثر وأكثر كلما غاص في ظلمة بحار الحرام.

اقرأ أيضا  ما هي علامات الحب .. كيف يعرف الشخص انه وقع في الحب؟

2_ ومن الآثار -أيضا- الرسوب الاجتماعي والديني والعلمي والنفسي والفكري: فلقد اهتم بما يحب ويشتاق له فحسب متناسيا علاقاته الاجتماعية،
‏ولعله فقد الثقة في الناس إلا في محبوبه فقط، ودينيا قد يكون نسى معنى الصلاة وإن صلَّى فقد قيمتها وروحانيتها وخشوعها، ونسى أنه ما زال في مرحلة عبور الى الدار الآخرة، ونفسه تتحدث بخواطرها إليه: ماذا ستفعل؟ ماذا ستقول غدا؟ وهكذا…،
‏تجده مشتت النفس بعيدا عن الناس غير متقبل لحديث ناصح وواعظ مدمر لوقته وبدنه ودينه وأهله، ولأن ذلك دين عليه، فيدمر أيضا عرضه، عافانا الله وإياكم .

3_ أنه دين يعود على أهله، فهل من رجل مسلم وسوي يعلم عودة ذلك على أهله ويفعله !!،

‏فقد قال عليه الصلاة والسلام: (ذنبان معجلان، البغي وقطية الرحم).
وكما جاء في غذاء الألباب: (من عف عن محارم الناس عف أهله، ومن لا فلا)، قال الشارح: وإن يزني الرجل يُفسد في أهله، يعني يزنى في أهله، لأن الجزاء من جنس العمل، جزاء وفاقا. والزنا له صور عديدة،

‏فقد قال عليه الصلاة والسلام: (العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزانها السمع، واليد تزني وزناها اللمس). متفق عليه.
ومن تاب تاب الله عليه،ولكن من يأمن أن يوفقه الله للتوبة؟!، ومن يضمن عمره قبل أن يموت؟!، ومن يأمن التوبة قبل أن يقع أهله في الحرام؟!، فالمرأة لا تأخذ إثم قريبها
‏فالله تعالى يقول: ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))، ولكنها تأخذ إثم زناها، ويبتلي الله ذلك الزاني بتلك المرأة من أهله، الا من تاب فيعفو الله عنه، فعجلوا بالتوبة.
4- ومن آثاره الخاتمة السوداء لمن خان الله ورسوله والمسلمين …

‏يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) فمن أثر هذه الخيانة السواد في الدنيا والآخرة، وأعني به: ما يختم به لذلك الخائن وتلك الخائنة للأمانة، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.

‏فهذا الأمر غاية في السوء وهو من أبغض المعاصي الى الله وهو من الكبائر المهلكات، وإنه مجلب لغيرة الله الشديدة، كما جاء في الحديث: (إن الله يغار وغيرة الله أن يزني عبده أو تزني أمته).

‏وقبل أن أذكرك أخي الشاب وأختي الشابة بكيفية التخلص من هذه العلاقة فأذكرك بداية بأن من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه، ولا يُنَالُ ما عند الله بسخط الله.

كيفية التخلص من آفة العلاقات العاطفية

‏1_ توظيف هذه العاطفة الغريزية والطبيعية توظيفاً صحيحاً وجعلها في مكانها الطبيعي والشرعي الذي جعلت له، عاطفة الحب اجعلاهما : لله وللرسول وللدين، وللوالدين والأخوة والأخوات، والزوج والزوجة، وحب الصالحين والصالحات من المسلمين والمسلمات،

اقرأ أيضا  علامات الوقوع في الحب عند الرجل .. كيف تعرفين أن الرجل وقع في حبك؟

‏وستجدان الفرق الكبير ولذة الإيمان ونيل ظل عرش الرحمن.
2_ مفارقة زمان ومكان وشخص المعصية: من سهل لك المعصية فارقه (تليفزيون- أفلام- جرائد-شخص معين- زميلك/زميلتك-مواقع/صفحات…) ولك في قصة قاتل المائة أعظم الدليل، فمنذ أن فارق أرض المعصية حتى تغير حاله،

‏وبخطوة واحدة نحو الطاعة وأرض الطاعة كان من أهل الجنة ومات مغفورا له.
3_ الصحبة الصالحة، والاستعانة بمشير صالح يأخذ بيدك للحق والخير والطريق المستقيم، والبعد كل البعد عن الصحبة السيئة.
4_المواظبة على التفقه والتعلم في الدين،وملء الأوقات بالطاعات بدلا من إغضاب رب البريات سبحانه‏ وتعالى، وتذكر عاقبة الحرام في الدنيا من سواد الوجه بين الناس وذهاب الهيبة من قلوب الآخرين نحوك فمن استصغر الله في عينيه استصغره الناس في أعينهم، وتذكر العاقبة الأخروية من الفضيحة على رؤوس الأشهاد وعذاب جهنم الذي لا يقواه أحد،

‏وتذكر أن الموت قريب والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
5_مقاطعة الرذائل المسموعة والمرئية والمقروءة (قاطعوا وسائل الإعلام البذيء ولو بالتدرج واحدة واحدة وخطوة خطوة).
6_ النسيان: فأول طريق مفارقة العلاقة المحرمة أن تتناساها تماما ولا تتبع خطوات الشيطان؛

‏حتى لا يلبس عليك إبليس فيصل لمراده منك.
7_ ملىء وقت الفراغ بقراءة أو عمل أو عبادة، لأن الفراغ السلبي كله شر وسيسأل عنه المرء.

8_حدد هدفا لحياتك (يشترط كونه هدف غال يمكن الوصول إليه وخذ بأسباب تحقيقه، لتكن صاحب طموح، وكوني صاحبة أهداف سامية).

‏9_ لماذا لا تخطط وتصنع لنفسك جدولا لحياتك ؟ وستجد الفرق بين التسيب والعشوائية، وبين النظام والترتيب والضبط.
وأخيرا: أختم حواري معك بقول الله تعالى: (ولا متخذي أخدان) (ولا متخذات أخدان) .



أنواع العلاقات العاطفية

و اعلموا جميعا أن العلاقات العاطفية أنواع ثلاثة على ما أعتقد من خبرة الحياة
‏1_ علاقة منفعة وهي علاقة تبادل المنافع مع بعضنا البعض وذلك أمر فطري (ليتخذ بعضكم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون).

2_ علاقة لذة ومتعة وهي علاقة العشق لا الحب، وأعني بذلك أن علاقتك بها وعلاقتك به علاقة عشق ما إن يحدث ما تهفو إليه النفس ويشتاق إليه الفؤاد حتى يخفت الحب .

‏3_ علاقة فضيلة وهي علاقة الباحثين عن الخير والعفة والصلاح وهي معروفة لكل ذي عينين: كيف الطريق إليها؟ وأسباب تأمينها ودوامها.

‏وأسأل الله تعالى أن يحفظ بيوتنا وأعراضنا وأن يرزقنا الزوج الصالح و الزوجة الصالحة، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما. وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *