الوحدة .. قد تقتلك أو تمنحك الحياة .. أنت من يختار

الوحدة هي أن تعيش في عزلة عن الناس، عن الجميع، وحدك لك عالمك المنفصل.




من الممكن أن يكون ذلك نابعا من داخلك فأنت تريد أن تبقى وحيدا دون أنيس أو جليس.

و جائز أيضا أن تضطرك الظروف لذلك، مثلا حينما تكون غريب في بلاد غريبة.

لا اقصد هنا الانطوائية و ان تكون كارها للاختلاط بالبشر، اي أنني لا اقصد الوحدة من منظور المرض النفسي بمعنى أدق الشخصية الانطوائية.

إنما مقصدي هنا هو أن تبقى وحيدا لفترات طويلة غير مخالطا لبشر لمجرد أن تبقى وحيدا.

هنا قد تهاجمك الكثير من المشاعر المختلطة التي قد ترفعك لعنان السماء أو تسقط بك في الهاوية.

اعتقد انك انت من يحدد ذلك بناء على ما يأتيك من أفكار و تنفيذها على أرض الواقع.

تجربة الوحدة ليست بالتجربة البسيطة.

كثيرا ما تكون بين أفراد أسرتك أو أصدقائك أو حتى في محيط عملك لكنك قد تشتاق للجلوس وحيدا و تفضل ذلك.

فنحن نحتاج احيانا لقسط كبير من الراحة ممن حولنا، أن نبقى وحدنا، تبقى انت و نفسك ليس بينكما ثالث.

تعيد حساباتك من جديد، تقيم الأمور بشكل أكثر هدوءا، تتخذ القرار الذي تراه مناسبا، و من الوارد بكل تأكيد أن يكون خاطئا.

لذا ف الوحدة سلاح ذو حدين، اما ان تفكر بسلبية تطرحك أرضا و قد تأتي بك لنهايتك و اما ان تفكر بشكل إيجابي قد يغير حياتك.

لماذا نميل إلى الوحدة احيانا :

كلما تقدم بنا العمر كلما تراكمت خبراتنا و ازدادت، لكن و بكل أسف تزداد الضغوط أيضا.

و نمط الحياة في هذه الأيام نمطا سريعا قاسيا، اشبهه بالقطار لن ينتظرك عليك أنت أن تلحق به.

اقرأ أيضا  تناقض الشخصية .. هل هو أمر طبيعي؟ أم أنه دليل على خلل نفسي؟

و نتيجة لهذه الضغوط السريعة المتتالية قد تشعر و كأنك تحتاج للتوقف، لتلتقط انفاسك من جديد.

انا شخصيا أومن بذلك، أن عليك من وقت لآخر أن تغلق حجرتك و تنفصل عن الجميع.

تفكر بعمق في كل ما حولك، مشاكلك و امورك الشخصية و أي أمور أخرى حتى و لو تتعلق بالآخرين الذين تهتم لشأنهم.

عندما تكون وحيدا تفكر في الأمور بشكل أكثر خصوصية.

لن تنظر لعيني امك لترى فيها ذلك الحزن الذي تتوقعه ان اتخذت ذلك القرار الذي تعلم أنها تعارضه.

لن تتأثر برأي صديقك الناصح لك بعكس ما كنت تريد.

لن تستمع لرأي زوجتك و التي لطالما اختلفتا في الرأي.

هي نفسك فقط التي تحادثك و تتخذا القرار سويا.

و قد يأتي القرار على عكس المتوقع و يأتي موافقا لرأي الجميع.

فهو قرار ناتج عن ذهن صاف، ينئى بنفسه بعيدا عن كل تلك المؤثرات الخارجية.

لكن احذر من الوحدة القاتلة :



إدمان الوحدة هو أول مؤشرات الخطر.

قد يكون بداية تحولك للانطواءية المخيفة التي قد تدفعك للجنون.

جميل أن تحب أن تجلس وحيدا و لو لفترات طويلة لكن المخيف هو أن تألف ذلك و تستهواه.

ان تصبح الوحدة هي الأساس و الاختلاط هو الاستثناء ، ذلك الغير مطلوب على الإطلاق.

فالأصل هو الانخراط بين الناس و الميل للعزلة و الوحدة لمراجعة الأمور.

دوام الوحدة أمر غير مستحب مطلقا، خاصة عند هؤلاء أصحاب الضغوط النفسية الكبيرة أو أصحاب النفوس الضعيفة التي لا تتحمل القليل من الضغوط.

فهؤلاء من السهل أن تدفعهم الوحدة لأمور يكون لها ضرر كبير عليهم و على من حولهم.

قد يدفعك الشعور بالوحدة لأفكار شاذة لا قبل لك بها.

اقرأ أيضا  الشخصية الانهزامية .. شخصية تخسر نفسها و تخسر الآخرين

فهي تشعرك بأنك شخص غير مرغوب فيه، هجره من حوله و تخلوا عنه.

افكار غريبة يبرر بها الشخص لنفسه ميله لعدم مخالطة الغير بالرغم من أن ذلك كان قراره الخاص.

تسيطر عليه المشاعر السلبية بشكل قد يدفعه إلى استحباب فكرة الموت عن الحياة، و قد ينتهي به الحال إلى الانتحار.

أو تعطيك الوحدة قبلة الحياة :

طريق آخر قد تذهب بك الوحدة إليه، لكن بشرط.

و الشرط هو أن تكون تلك الوحدة منظمة مشروطة و ليست مطلقة.

أن تقتص من ايامك جزءا خاصا لوحدتك و باختيارك.

فتصبح حياتك مقسمة بين الوحدة و الانصهار مع المجتمع من حولك.

و قرر عندما تكون وحيدا أشياء أخرى إيجابية تغير من نمط الحياة الروتيني المعتاد.

جرب حينما تكون وحيدا أن تتخذ بعض القرارات التي ربما كان عليك أن تتخذها من قبل.

قد تجعلك تلك القرارات انسانا سعيدا، إنسانا يختلف عما سبق.

ماذا ان قررت أن تخصص جزءا من يومك لممارسة الرياضة و لو لساعة يوميا.

أجزم بأن ممارسة الرياضة كفيلة بأن تعطيك وحدها كما هائلا من الطاقة الإيجابية.

فقط ساعة من الرياضة كل صباح تعطيك ما تريد من نشاط و حيوية طول اليوم.

إذا كنت وحيدا فاجعل من الكتاب صديقا لك، لن تجد أفضل من ذلك صديق.

بمرور الايام ستتسع مداركك و تجد النهم لتعلم الجديد و الجديد كل يوم.

و أفضل كتاب على وجه الأرض هو القرآن الكريم،

” كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ” (سورة ص).

جرب أن تجعل في وحدتك قسطا للقرآن الكريم و التدبر في آياته، ستغمرك سعادة بلاغة في كل يوم تفعل فيه ذلك.

هل كنت تهتمك لصحتك من قبل؟

اقرأ أيضا  الألوان و الشخصيات .. إعرف شخصيتك من لونك المفضل

هل كنت تلقي بالا لما تتناوله من أطعمة و ما هو منها ذو قيمة غذائية أو لا؟

عليك أن تنظم ذلك إذا ما كنت وحيدا.

حدد لنفسك نظاما غذائيا معينا، إبدأ في التعرف على الاطعمة ذات القيمة الغذائية العالية.

اجعلها جزءا من غذائك اليومي و يكفيك ما تناولته سابقا مما لا فائدة منه.

إذا ما كنت تعيش وحيدا لظروف معينة فاتخذ مما سبق برنامجا جديدا لك لتبعد عنك كل الأفكار المسمومة التي كانت تراودك.

ستستطيع وقتها أن تمارس حياتك بشكل أكثر إيجابية و تستطيع أن تعطي لنفسك ما تريد و توفي عملك أيضا حقه.

من حولك سيشعرون بالسعادة لك :

قد تضطرك الظروف لتعيش في الوحدة مجبرا ، لكن عليك أن تتأكد أن هناك من يهتم بك و لو كانوا بعيدا عنك.

هناك من سيسعد لسعادتك.

نعم هناك من يحبونك و يتمنون لك دوام السعادة.

انت بالطبع لست وحيدا و ان كنت وحيدا في الواقع فهناك من انت بداخل قلوبهم و عقولهم.

الرحمة و العدل من صفات الله عز و جل و هو لن يتركك وحيدا ابدا.

” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) ” ( سورة  الأنبياء )


إذا باعدت المسافات بينك و بين من تحب فأنت في قلوبهم كما أنهم في قلبك.

لا تجعل الوحدة لك عدوا منتصرا بل اجعلها عدوا مقهورا أسيرا تطوعه كيفما تشاء.

تأتيك الدنيا راكعة قائلة هيت لك، تفتح ذراعيها مسلمة انت لها و هي لك عذراء.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *