الأصمعي .. شيطان الشعر

الأصمعي .. شيطان الشعر

الأصمعي .. شيطان الشعر كما قال عنه الخليفة هارون الرشيد، لم لا و هو أفضل من صاغ اللغة العربية شعرا.



و قيل لا يوجد في تاريخ العرب من هو أفصح منه لسانا أو ألم منه بأمور الشعر.

و كذلك الأمر في النحو و الصرف فهو أعلم العرب بهذا الأمر.

حتى جرير و الفرزدق و غيرهما لم يصلوا لمثل ما وصل إليه من تمكن في اللغة العربية.

هو عبدالملك بن قريب بن عبدالملك بن علي بن أصمع.

ولد في مدينة البصرة العراقية عام 740 م و توفي بها أيضا عام 831 م.



نشأة شعرية أفرزت جهبز اللغة العربية:

من حديثه عن والده يصل إلينا أن عائلته نالت قدرا كافيا من العلم فنهل هو من نهر علمهم.

كما كان كثير الترحال فأتاح ذلك له مقابلة الكثيرين من كبار شعراء عصره و أئمته.

فروي أنه حالفه الحظ و تقابل كبار أئمة هذا الزمن و أصحاب المذاهب أمثال الشافعي و ابن حنبل.

و بذلك أتيحت له الفرصة بالإلمام بالكثير من أمور الدين الفقهية و عكف لفترة من الزمن على جمع الحديث أيضا.

الأصمعي و الحيوان:  

كان الأصمعي أيضا ملما بعلم الحيوان بشكل كبير.

حتى أنه لما تحداه الفضل بن الربيع وزير الخليفة الأمينالأمين هو و أبا عبيدة بن المثنى بأيهما أكثر إلماما بعلم الحيوان إنتصر الأصمعي لنفسه.

فقد أتى لهما بحصان و طلب من الرجلين تسمية كل جزء فيه و رفض أبو عبيدة ذلك.

و تولى الأصمعي هذا الإمر بإجادة شديدة.

كما كتب أيضا عن الخيل – الإبل – الشاة – الوحوش – خلق الإنسان.

صوت صفير البلبل و حكاية الخليفة أبو جعفر المنصور:  

كان أبو جعفر المنصور محبا للشعر و كان رجلا ذكيا يحب أن يسمعه و لا يحب أن يتربح الشعراء عنده من قولهم الشعر أمامه.

فكان يشترط أن تكون القصيدة لم يسمعها من قبل حتى يكافيء قائلها.

و هو كان يحفظ القصيدة من المرة الأولى فإذا ما رواها أحد أمامه كررها وراءه و قال له أنه سمعها من قبل.

و كان غلامه يحفظها من مرتين و جاريته تحفظها من ثلاثة، فبعد أن يلقيها كاتبها و يرددها المنصور فيحفظها غلامه ثم يأتي ليلقيها أمام الجميع.

فيبهت الشاعر صاحب القصيدة لأن المنصور و غلامه ردداها.

و بعد أن يكون ألقاها الغلام تكون قد حفظتها الجارية فتأتي و ترددها هي الأخرى.

فيجن جنون الشاعر و يرجع بخفي حنين دون درهم و لا دينار من الخليفة إذ أوحى له المنصور بالدليل القاطع أنه ليس صاحبها فهو و غلامه و جاريته يعرفوها و إلا ما كانوا رددوها.

فطن الأصمعي لتلك اللعبة و عرف وراء هذا الأمر سر.

فأعد قصيدة من الصعوبة اللغوية بحيث لا يمكن حفظها أبدا و لا طاقة لعربي أو أعجمي بحفظها بسهولة أبدا.

و دخل على الخليفة ملثما و ألقى قصيدته التي مطلعها صوت صفير البلبل.

فتلعثم الخليفة حينما حاول أن يرددها و كذا فعل غلامه و جاريته.

و كان الخليفة قد وعد بأن يعطى قائل القصيدة التي لم يسبقه أحد بها أن يعطى ملأ ما كتبت عليه القصيدة ذهبا.

و كان الأصمعي قد نقشها على عامود من الرخام يحمله من الرجال أربعة.

فلما علم المنصور بذلك طلب من أن يكشف عن وجهه فإذا هو بالأصمعي.

و عرف الخليفة أنها كانت حيلة منه و رفض أن يعطيه الذهب و وافق الأصمعي بشرط ألا يفعل المنصور ما يفعل مع الشعراء ثانية و يعطي كل ذي حق حقه.

نص قصيدة الأصمعي صوت صفير البلبل: 

صـوت صــفير الـبلبـل هيج قـــلبي الثمــل

المـــــــاء والزهر معا مع زهر لحظ المقل

و أنت يا ســـــــــيد لي وســــــيدي ومولى لي

فكــــــــم فكــــم تيمني غزيل عقــــــــــيقلي

قطفته من وجــــــــــنة من لثم ورد الخــــجل

فـــــــقال لا لا لا لا لا وقــــــــد غدا مهرول

والخــــوذ مالت طربا من فعل هـــذا الرجل

فــــــــولولت وولولت ولـــــي ولي يا ويل لي

فقلت لا تولولـــــــــي وبيني اللؤلؤ لــــــــــي

قالت له حين كـــــــذا انهض وجــــــد بالنقل

وفتية سقــــــــــــونني قـــــــــهوة كالعسل لي

شممـــــــــــتها بأنفي أزكـــــــى من القرنفل

في وســط بستان حلي بالزهر والســـــرور لي

والعـــود دندن دنا لي والطبل طبطب طب لـي

طب طبطب طب طبطب طب طبطب طبطب لي

والسقف سق سق سق لي والرقص قد طاب إلي

شـوى شـوى وشــــاهش على ورق ســـفرجل

وغرد القمري يصـــــيح ملل فـــــــــــي ملل

ولــــــــــــو تراني راكبا علــــى حمار اهزل

يمشي علــــــــــــى ثلاثة كمـــــشية العرنجل

والناس ترجــــــــم جملي في الســوق بالقلقلل

والكـــــــــل كعكع كعكع خلفي ومـــن حويللي

لكـــــــــــن مشيت هاربا من خشـــية العقنقل

إلى لقاء مـــــــلك مـــــــعظم مبجل

يأمر لي بخـــــلعة حمـــراء كالدم دملي

اجـــــر فيها ماشيا مبغــــددا للذيل

انا الأديب الألمــعي من حي أرض الموصل

نظمت قطعا زخرفت يعجز عنها الأدب لي

أقول في مطلعها صوت صفير البلبل

 من أثنوا عليه: 

أثنى عليه الكثير ممن كانوا في زمنه و من جاءوا من بعده و هو أهل لكل ذلك بالتأكيد.

فقد تكلم عنه بالطيب كل من ابن مناذر، الأزهري، الأخفش، الموصلي، الأعرابي و الانباري و السيوطي.

و كل هؤلاء من أكابر الأدب و اللغة العربية.



هو تاريخ من الإبداع اللغوي و أضاف للغة العربية مثلما أضافت إليه، هو أفضل من نطقها شعرا.

و لم لا و هو الأصمعي شيطان الشعر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *