التحرش .. تجربتي في أورانج

التحرش .. (كيف تنظر في عيني امرأة أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟)



سمعت كثيرا عن حوادث التحرش ولكن ليس من سمع كمن رأى.

هي بوجهها الملائكي تسير في الطريق وهو بملامح الشياطين يسير مقابلها.

يبدو عاقدا العزم، نظراته مثبتة نحو هدفه، الهدف الذي صار معروفا لكل من يسير حوله.

أردت تحذير الفتاة لكن الوقت لم يمهلني، أصطدم بها، ليس كإصطدام عابر بل مقصود.

إنصرف بعدها وأكمل طريقه، ولملمت الفتاة أشلائها المبعثرة وتابعت طريقها، مشهد مدته لحظات لكنه ظل عالقا في ذهني أضعافها.

التحرش

لماذا دائما نفترض أن التحرش ظاهرة بعيدة عنا؟

وكأن نسائنا خلقوا من طينة ليست كطينة من يتم التحرش بهن، أو كأنهن يعشن في عالما آخر ليس له علاقة بعالمنا القذر.

عالم تحترم فيه المرأة ويحفظ فيه جسدها من عبث العابثين.

هناك إحصائيات تقول أن حوالي 90% من نساء مصر قد تعرضن للتحرش.

أي إنه إذا ما قررت أن تتقدم لخطبة فتاة فهناك إحتمالية 90% أن تكون فتاتك قد تعرضت للتحرش من قبل.

وحتى لو كنت من المحظوظين وجاء نصيبك من النسبة المتبقية فإن هذا لا ينفي إنها من الممكن أن تتعرض للتحرش في المستقبل.

ومع تزايد هذه النسبة في المستقبل (حيث لا دليل واضح يبشر بعكس ذلك) ستكون أقصى طموحاتنا أن نتزوج بفتاة تم التحرش بها فقط.

لم تغتصب وتتعرض للإنتهاك الكامل، سيكون أملك أن يكتفي المتحرش بكلمة عابرة أو حتى لمسة طفيفة.

إنهم في كل مكان، في الشارع، في المواصلات، في المدرسة أو الجامعة، وفي أماكن العمل، بل وحتى في البيت!

يقف أمامك وخلفك وعن يمينك وعن شمالك، يتجسد لك على كل هيئة، شاب أو عجوز أو حتى طفل.

اقرأ أيضا  تجربتي في أورانج .. (3) ثم لم يبق أحد

لن تستطيع الفتاة أن تدرك من أين سوف تأتيها الضربة، كل الأشخاص حولها هم متحرشون محتملون إلى أن يثبت العكس.

وحتى لو أعتصمت في بيتها وأحتمت بجدران منزلها فسوف يقتحمها المتحرش عبر معاكسة تليفون أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

حتى في أورانج! 

في أورانج هناك أشخاص لكثرة إتصالهم بخدمة العملاء صاروا مشهورين لدي الموظفين.

فهذا فلان المستفز، وذاك علان العصبي، ومن ضمن هولاء كان هناك المتحرش.

سمعت به من أول أسبوع في الشغل، بصوتا مبحوح ومنخفض لا تستبينه في البداية فتطلب منه أن يعيد كلامه.

فتفهم إنه يريد التحدث مع إحدى زميلاتنا، تعرض عليه المساعدة لكنه يصر على تحويله، عندها نخبره بعدم إمكانية التحويل أو نحوله لمسئول الشيفت.

ذلك المتحرش هو من أغرب الأشياء التي قابلتها في أورانج.

فحتى الآن لا أتخيل أن شخص يتصل بخدمة العملاء لمجرد سماع صوت فتاة لن تكلمه في نهاية الأمر إلا بشكل رسمي وفي حدود العمل.

إن مثل هولاء الأشخاص هم المسئولون عن تحويل القاهرة لأخطر مكان ممكن أن تعيش فيه المرأة.



هم المسئولون عن عدم قدرتي على النظر في عيني أي امرأة لأني أعلم إني لا أستطيع حمايتها.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *