بقرة صفراء … نحن نأتي لأنفسنا بالمتاعب

بقرة صفراء … نحن نأتي لأنفسنا بالمتاعب

بقرة صفراء فاقع لونها .. شدد بنو اسرائيل على انفسهم فشد الله عليهم.


ألا نأخذ العظة من بني اسرائيل!

لماذا نشق على انفسنا؟

نحن من يجلب الشقاء لأنفسنا …

الله كريم معنا و لكننا نحن من يخطيء و يسيء تقدير الأمور.

و كلما أكثرنا في المجادلة و المسألة السلبية بهذا الشكل كلما أعطتنا الدنيا من شقائها.

و لو أخذنا بالأسباب دون الإلحاح في سؤال لا جدوى منه لأتت لنا الدنيا طائعة.

إن أحسنا الظن بالله و فوضنا أمورنا له وحده لا شريك له لنشعرن و كأننا ملكنا الدنيا و عرضها.

جميعنا يعلم قصة بقرة بني إسرائيل ،، بقرة صفراء ،، و لكن من هذه القصة عبرة لمن يعتبر.

بقرة بني اسرائيل، بقرة صفراء :

أما عن النص القرآني:

” وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ(68)

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70)

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ(71)

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ” (سورة البقرة)



بقرة صفراء – و أما عما قيل فيها:

فقد قيل أنه كان رجلا ثريا من بني إسرائيل ليس له من الولد أحد، طمع فيه أقاربه من أجل أن ميراثه.

فقتله أحدهم، و حار بني إسرائيل في أمر قاتله!

فلجأوا لكليم الله موسى لعلهم يجدوا عنده ضالتهم و سألوه أن يسأل ربه.

و هنا نصل لمربط الفرس.

جاءتهم الإجابة من موسى بأن أمرهم الله بذبح بقرة…

بقرة! مجرد بقرة، دون أي تحديد لأي من صفاتها، أمر في المطلق بلا قيود.

إذن فلتذبحوا بقرة، هكذا هو … ستجدون بعدها مرادكم.

فوالله لو فعلوا كما أمروا لكان الأمر قد قضي.

لكن اليهود هم من غالوا في السؤال و توغلوا في بواطن الأمور.

بداية من استنكارهم للامر في ذاته.

ثم سؤالهم للشقاء بأيديهم، أن أخذوا يسألوا عن صفات تلك البقرة المراد ذبحها.

ما لهم لا يعقلون!!! أمروا بذبح بقرة فجلبوا لأنفسهم بعنادهم.

إذن فليكن لكم ما تريدون.

إنها بقرة ليست بالهرمة المسنة و لا الصغيرة، وسط بين ذلك و ذاك.

و من رحمة الله بهم أن تلا ذلك بقوله لهم فافعلوا ما تؤمرون لينتهي الأمر.

أما هم فازدادوا من عمى قلوبهم و عقولهم قنطارا.

فعادوا إلى ما هم عليه، فسألوا عن لونها، فكان الجواب أن بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.

فشق الأمر عليهم أكثر و أكثر فسألوا موسى أن يسأل ربه أن يبينها لهم لما تشابه عليهم الأمر.

فكان الرد أنها بقرة لم تذل في الأرض بحرث و لونها متناسق لا تشوبه شائبة من لون آخر.

و الآن و بعد الكثير من الشقاء عادوا لصوابهم فذبحوا البقرة الموصوفة بعد أن كادوا يتركوا الأمر برمته ليس فقط في البحث عن البقرة بل بالفكرة من البدايه.

و لما ذبحوها أخذوا جزءا منها، قيل من الفخذ أو الزند و منهم من قال من الظهر، و هذا ليس بالامر المهم.

و ضربوا المقتول بهذا الجزء، فلما فعلوا ذلك، بعث الله الروح من جديد فيه، فأجابهم بأن ابن أخيه هو من قتله.

بقرة صفراء – الخلاصة:

نحن من نعذب أنفسنا بأيدينا، بسؤال عن أشياء لا قيمة لها.

ليس كل الناس هكذا بالتأكيد و لكن نسبة ليست هينة تهوى تلك الرزيلة.

لو أن الدنيا أخذت ببساطة لآل الحال إلى ما هو أفضل بكثير.

التدقيق في صغائر الأمور هو من يصعبها عليك.

أترك المركب تسير بين الأمواج بتلقائية ، فقط خذ حذرك عند الخطر و لا تلقى بالا بصغير الموج.

أمعن التفكير فيما يستحق و تجاوز عما قد يقلقك دون جدوى.

الدنيا أحقر من أن نشقى فيها كل هذا الشقاء فيما لا نفع منه و لا ضرر.

لا بل قد يحدث منه الضرر، فقد تجد نفسك توقفت و عجزت عن التفكير فجأة لعلة لا قيمة لها.

قد تتوقف حياتك كلها بسبب التعمق في أمر لن يزيد حياتك إلا لونا قاتما.

إمض لما أنت ماض إليه دون أن تضع لنفسك بنفسك العراقيل.

أنت من يحدد كيف تسير أمورك سواء كان باللين أو بالعقبات.

لنأخذ العبرة و العظة من أصحاب بقرة صفراء شقوا على أنفسهم فما كان إلا أن اذدادوا شقاء.

و ليس هناك دليل على أهمية تلك العبرة المأخوذة من تلك القصة أكثر من أن تسمى أطول و أعظم سور القرآن الكريم باسمها.

” وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) ” (سورة النجم )



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *