قصة قابيل و هابيل أبناء آدم عليه السلام.. تعلم أهم مداخل الشيطان، و كيف حدثت الخطيئة الأولى لتحمي نفسك.
إن دراسة قصص الأنبياء و الصالحين مثل قصة قابيل و هابيل أمر هام للغاية لكل إنسان يريد أن يعرف الحقيقة، و يستلهم الحكمة، و يتعلم من الأولين.. و لذلك و غيره ذكر الله القصص في محكم التنزيل، و ذكرها سيدنا رسول الله – سيد الأولين و الآخرين – في أحاديثه الشريفة.
و القصة التي بين أيدينا الآن (قصة قابيل و هابيل) من القصص الملهمة، و الأساسية في تاريخ البشر.. و الدروس التي يمكن أن نتعلمها منها دروس غالية و كثيرة.. فهي تعرفنا قيمة طاعة الله و رسله، و طاعة الأب و الأم، و قيمة تقوى الله تعالى، و مبادلة السيئة بالحسنة، و الالتزام بالمبادىء مهما كان الآخر مخلا بها..
كما تعرفنا بأحد أكثر مداخل الشيطان خطورة، ألا و هو الغضب، و كيف أنه يمكن أن يُعمي الإنسان، و يقوده لارتكاب عظائم الذنوب.. و غير ذلك الكثير، و كلما تأملت وجدت بإذن الله.
النزول إلى الأرض و بداية قصة قابيل و هابيل
بعد أن أخرج الله عز و جل سيدنا آدم و زوجه السيدة حواء من الجنة لما قاما به من مخالفة للأمر الإلهي، و بعد أن تاب الله على سيدنا آدم، نزلا إلى الأرض كما نص القرآن الكريم، و عمل سيدنا آدم بالزراعة بعد أن تعلمها حتي يوفر لنفسه و لزوجه الطعام.
ثم حملت السيدة حواء، و ولدت توأم.. بنتًا و ولدًا، و أصبح هذا هو الأمر الاعتيادي في حملها.. كلما تحمل تضع مولودا ذكرا و مولودة أنثى من بطن واحدة..
و كان من بين هذه الولادات ولادة هابيل و أخته، و ولادة قايبل و أخته.
ما أسرع الأيام..
فسرعان ما كبر قابيل و هابيل و أختاهما، و توجب عليهما العمل، و لقد عمل قابيل كوالده في الزراعة، لكن هابيل لم يعمل بالزراعة كوالده و أخيه، و لكنه عمل في رعي الغنم..
الزواج و دوره الأساسي في قصة قابيل و هابيل
أصبح لزاما أن يتزوج كلا الأخين، و تصبح له أسرة خاصة؛ لتستمر مسيرة البشرية، و تتكاثر الذرية، و هي سنة الله في كونه، و لولاها لما استمرت الحياة على وجه الأرض.
أمر سيدنا آدم ابنيه أن يتزوج كل منهما أخت الآخر، فيتزوج هابيل أخت قابيل، و يتزوج قابيل أخت هابيل.. و المقصود هنا بالأخت هو الأخت التوأم، فكلهم إخوت و أخوات في الأساس.
أطاع هابيل أمر أبيه، و وافق أن يتزوج أخت قابيل التوأم..
أما قابيل فعلى العكس.. عصى أمر أبيه، و رفض أن يتزوج أخت هابيل التوأم.. لأنه كان يريد أن يتزوج بأخته هو التوأم.
و ازداد الخلاف و استعر..
و حتى يُنهي سيدنا آدم هذا الخلاف على خير بأفضل الطرق فقرر أن يرجع الأمر إلى صاحب الأمر؛ رب العزة عز و جل..
فطلب من كل واحد منهم أن يقرِّب قربانا إلى الله تبارك و تعالى، و من يتقبل الله منه ينفذ ما يريد..
و بالفعل قدم كل من قابيل و هابيل قربانا مما يجيده و يعمله..
فقدم هابيل أسمن غنمه قربانا إلى الله تبارك و تعالى..
و قدم قابيل حزمة من نتاج زراعته، و يُقال أنها كانت من القمح.
كيفية تقديم القرابين في قصة قابيل و هابيل
كان تقديم قابيل و هابيل القرابين عن طريق أن وضعا الغنمة و حزمة الزرع على جبل عال.. و وقفا منتظران ماذا سيفعل بهما رب العزة، فهبطت نار قوية لتختار الغنمة و تترك الحزمة..
عرف الجميع أن الله تبارك و تعالى تقبل من هابيل قربانه، و لم يتقبل من قابيل.. و جاء هذا مصدقا لأمر سيدنا آدم..
أدى ذلك لغضب شديد عند قابيل.. و عدم امتثال للأمر..
قتل قابيل لهابيل .. الخطيئة الأولى على الأرض
أصاب قابيل حقد عظيم على هابيل.. و ما كان منه إلا أن يتوعده بالقتل قائلا له بكل وضوح: لأقتلنك..
فرد عليه هابيل بكل إيمان و خشوع و معرفة للحقيقة و للحكمة الإلهية:
إنما يتقبل الله من المتقين.
إنك إن تجرأت علي لتقتلني، فلن أفعل كما تفعل؛ فإنني لا أريد أن أتحمل إثما كهذا، و لتحمل أنت هذا الإثم إذا أردت..
لم يفلح هذا الحديث في إيقاظ ضمير قابيل، أو تذكيره بسوء الخاتمة، و ما ينتظره في الحياة الآخرة لقاء ذنبه العظيم.
قتل قابيل لهابيل
و بالفعل..
قتل قابيل هابيل..
و اختلفت الأخبار حول طريقة القتل..
فمنهم من قال أنه ضربه بحديدة على رأسه، و منهم من قال بحجر، و منهم من قال أنه خنقه و عضَّه كما تعض الأسود فرائسها، و لكن لا يهم ذلك كثيرا، فلقد مات هابيل على يد أخيه قابيل، و حدثت الطامة الكبرى.
كيف تعلم قابيل دفن أخيه هابيل (نهاية قصة قابيل و هابيل)
ما إن مات هابيل حتى استفاق قابيل من فورة غضبه، لم يدر ما فعل و كيف فعل.. ثم أدرك مصيبته، و ما فعل بأخيه.. فألم به الحزن و الندم، ثم ألمت به حيرة عظيمة ..
ماذا سيفعل بجثة أخيه؟ .. إنه أول موت على الأرض، و لم يعرف أحد قبلها ما يحدث في هذه الحالة.. فبعث الله له غراباً ليلهمه و يعلمه كيفية الدفن..
ولا نجد خيرا من كلام الله عز وجل عن هذه القصة ختاما إذا قال تعالى:
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين)
صدق الله العظيم