بابل .. تاريخ حضارة المملكة البابلية القديمة

بابل من أعظم مدن العالم القديم، عاصمة المملكة البابلية و الإمبراطورية البابلية العريقة.



تأسست تلك الحضارة منذ عام 3500 قبل الميلاد.

تقع مدينة بابل على ضفاف نهر الفرات بالقرب من مدينة الحلة بالعراق، أي أنها تبعد عن جنوب بغداد بحوالي 100 كم.

ساعدها موقعها هذا على أن تصبح مركزا تجاريا مهما.

كما كانت مركزا لتأدية المشاعر الدينية البابلية، كلمة بابل تعني ” بوابة الإله “.

و ينسب لهم أنهم أول من أنشأ أشكال حروف الكتابة.

كما ساهموا بشكل كبير في تطوير بعض العلوم مثل الفلك و الرياضيات.

حكم بابل الكثير من الحكام و لكن أهم تلك الأسماء: حامورابي، نبوخذنصر، قورش العظيم و الإسكندر الأكبر.

 



بابل و حامورابي: 

من أهم ملوكها؛ الملك حامورابي الذي إستمر حكمه من عام 1792-1750 قبل الميلاد.

إكتسب شهرة كبيرة لإصداره مجموعة القوانين العادلة الحكيمة أو ما يعرف بقوانين حامورابي.

و عندما إعتلى حامورابي العرش كانت بابل واحدة من عدة ممالك صغيرة في ” ميزروتميا ” هذه المنطقة التي تقع بين نهري دجلة و الفرات و تشمل حاليا شرق سوريا و جنوب شرق تركيا و معظم العراق.

هزم حامورابي كل الممالك الأخرى و أسس الإمبرطورية البابلية القديمة.

عن المجتمع البابلي: 

خلال فترة حامورابي كان يوجد ببابل عدة قصور و معابد رائعة و كانت البيوت الخاصة تصف على طول الشوارع الضيقة الملتوية.

و النموزج الأمثل للبيت كان يتكون من مساحة في وسطه تحوطها الغرف.

كان يحيط بالمدينة سور ضخم لحمايتها من الغزاة و له عدة ابواب.

أقيمت بها أسواق متفرقة لتجارة العبيد، المواد الغذائية، المنسوجات، مواد البناء و أدوات المعيشة.

كما كانوا يسافرون كذلك غربا إلى سوريا و أقطار أخرى شمال آشور و جنوبا للممالك الموجودة على الخليج الفارسي.

غالبا ما كانوا يبدلون المنسوجات و الحبوب مقابل الذهب و الفضة و الأحجار الكريمة.

طبقات المجتمع البابلي: 

كان المجتمع البابلي في عصر حامورابي يتكون من ثلاث طبقات ( العليا – العامة – العبيد ).

كان أفراد الطبقة العامة يعملون بصفة أساسية في مجال الزراعة و التجارة أو الحرف اليدوية.

لا نعرف عن هذه الطبقة إلا القليل فهم كانوا يفتقرون لمعظم الحقوق التي تتمتع بها الطبقة العليا.

أما العبيد كانوا يمثلون الطبقة الأدنى، و لكنهم كان لهم بعض الحقوق التي لم تتوفر لأمثالهم في كثير من الأمم الأخرى.

فقد كان لهم حق التملك و القيام ببعض الأعمال و الحصول على قروض مالية، كما كان بإمكانهم شراء حريتهم.

كان حق التملك متاحا أيضا للنسوة و يتمتعون بحقوق قانونية أخرى، كما كان الآباء غالبا ما يختارون الأزواج لبناتهم.

فقدت الإمبراطورية البابلية القديمة معظم الأراضي التابعة لها بعد وفاة حامورابي لكنها ظلت كمركز قوة سياسية و حضارية رغم عدم محاولة حكامها تعزيز تلك القوة.

في بدايات عام 700 قبل الميلاد أحكم الآشوريين سيطرتهم على المدينة.

لكنها قاومت الحكم الآشوري فما كان من ملكها الأشهر ” سنخاريب” إلا أن دمر المدينة عام 689 ق.م و قام إبنه “إسرحدون” بإعادة بناء بابل بعد عشرة أعوام.

بدأت الإمبراطورية البابلية الجديدة عام 626 ق.م عندما أصبح قائد الجيش ملكا على بابل و إستطاع أخيرا أن يعيد سيطرته على البلاد من أيدي الآشوريين.

و أنهى بالهجوم الذي شنه عليهم بمساعدة حلفائه الميديين عام 614-612 ق.م وجود الإمبراطورية الآشورية تماما.

خلال فترة حكمه الذي إستمر حتى عام 605 ق.م إستطاعت الإمبراطورية البابلية أن تفرض سيطرتها على الكثير من المناطق المعروفة الآن بالشرق الأوسط.

وصلت مدينة بابل لأقصى درجات التقدم في عصر الإمبراطورية الجديدة.

بابل و نبوخذنصر: 

و قام الإمبراطور و إبنه ” نبوخذنصر الثاني ” بإعادة بناء المدينة على نطاق أوسع مما كانت عليه سابقا.

و تولى الحكم بعد ذلك ” نبوخذنصر “، ذلك الملك الذي تميز بالحكمة و الذكاء.

كما نال حب الناس و تقديرهم له لما أحسوه فيه من عدل و حرص على جعل إمبراطوريته أفضل من ذي قبل.

و خلال فترة حكم ” نبوخذنصر ” الذي إستمر من عام 605 إلى 562 ق.م قام العمال ببناء سور حول المدينة بعرض 26 متر تقريبا.

كما أقيمت أسوار ضخمة داخل المدينة لحماية قطاعات المدينة الرئيسية و حفرت حولها الخنادق الواسعة لحمايتها.

فقد كان إهتمام ” نبوخذنصر ” واضحا من حيث أهمية تأمين مملكته ضد المخاطر و الأعداء المتربصين بها.

آثار حضارة بابل الجديدة: 

كان الناس يدخلون و يخرجون من المدينة خلال 8 أبواب من البرونز.

أكبر هذه الأبواب هو بوابة عشتار الضخمة و التي كانت في مواجهة طريق يسمى طريق الموكب.

هذا الطريق يربط بين معبد ” مردوخ ” الموجود داخل الأسوار و بين موقع الإحتفال الديني الكبير خارج المدينة.

حيث كان البابليون يحملون تماثيل الآلهه عند الطريق أثناء الإحتفال الذي كان يقام كل عام.

و بوابة عشتار أبوابها مزينة بوحدات من حيوان التنين و الثيران و الأسود مصنوعة من الخزف الملون.

أما قصر نبوخذ نصر الرئيسي و القلعة فيقعان بين بوابة عشتار و نهر الفرات.

و من المحتمل أن تكون هذه المنطقة هي التي كانت توجد فيها حدائق بابل المعلقة الشهيرة.

و قد وصف الإغريق هذه الحدائق بأنها كانت مزروعة على سطح مبنى ضخم و أنها واحدة من عجائب الدنيا السبع.

و الصور التخيلية لمدينة بابل و تحديدا لحدائق بابل المعلقة هي صور في منتهى الروعة و الجمال.

أما منطقة المعبد فكانت في الجنوب حيث كان يوجد معبد مردوخ و نصب تذكاري عرف فيما بعد بإسم برج بابل.

يقدر عدد سكان مدينة بابل الذين عاشوا فيها في مجتمعات سكانية حولها بأكثر من 250 ألف نسمة.

و قد إزدهرت بالمدينة عدة أنشطة كالزراعة، الصناعات اليدوية و كانت أكبر مركز تجاري في الشرق الاوسط في ذلك الوقت.

سقوط بابل :

كان خلفاء نبوخذنصر لا يتمتعون بشعبية كبيرة و بالتالي ضعفت الإمبراطورية و في عام 539 ق.م دخل الفارسيون بابل.

ثم إستولى الإسكندر الأكبر على بابل عام 331 ق.م و من المحتمل أنه خطط ليجعل منها عاصمة لإمبراطوريته.

لكن لم يمهله القدر و بعد وفاته أسس أحد قواده العسكريين و يدعى سيلوكوس عاصمة جديدة و سماها سيلوكيا على نهر دجلة.

و فيما بعد إنتقل أهل بابل إلى سيلوكيا و بمضي السنين تحولت بابل المهجورة إلى أطلال.

أطلال مدينة بابل :

بداية من عام 1899 م و حتى عام 1917 م قام علماء الآثار الألمان بالكشف عن أطلال مدينة بابل.

و معظم تلك الآثار كان يرجع لبابل الجديدة.

و لم يتمكنوا من العثور على ما يخص الإمبراطورية القديمة لإرتفاع منسوب المياه الجوفية و تسربها إلى الحفر العميقة التي يحفرها علماء الآثار.

و قامت الحكومة بالعراق بترميم بعض تلك الآثار مثل برج بابل، قصر نبوخذنصر، المعبد، طريق الموكب و مسرح المدينة الإغريقي.



مما لا ريب فيه أن مملكة بابل كانت من أهم ممالك العصر القديم، لما لها من بصمة في عدة مجالات.

سواء كان ذلك في مجال العمارة، الفلك، الرياضيات و حتى القانون أيضا.

و مازالت تلك البصمة واضحة حتى وقتنا هذا و لا يمكن لأحد أن ينكرها.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *