كاظم الساهر و الشيخ – كيف كانت شهادتهما في المحكمة

كاظم الساهر هو واحد من أهم و أشهر المغنيين على الساحة العربية من الثمانينيات إلى الآن.

كما أنه بلا شك أمير الرومانسية العربية و أيضا  سفير الأغنية العراقية و حقيقة هو خير سفير لها.

ولد كاظم الساهر لأسرة عراقية بسيطة عام 1957. وتزوج في سن صغيرة و له ولدان و لم يدم هذا الزواج طويلا وأيضا لم يتزوج بعدها.

و على الرغم من هذا إلا أنه من أفضل من غنى للحب و المرأة و لم لا و هو من غنى أشعار نزار قباني.

كما يجيد كاظم الساهر العزف على العود إجادة تامة. كما أنه هو من لحن لنفسه أغلب أغانيه.

كذلك ارتبط إسم كاظم الساهر بالحب و الرومانسية اللذان غنى لهما الكثير مثل: زيديني عشقا, أنا و ليلى, علمني حبك و سلامتك من الآه.

إليكم.. كاظم الساهر في المحكمة و ابتكار الأفكار:

يتميز كاظم الساهر بقوة الصوت و صدق الاحساس في الغناء.

كما يميزه أيضا الثبات على المستوى مع الدقة في إختيار الكلمات و كذلك الإبتكار في إختيار الأفكار.

و من ضمن الأفكار التي تغنى بها كاظم الساهر هي فكرة المحكمة.

وَ كما يعرف الجميع فالمحكمة قائمة على وجود نزاع بين طرفين و كلا منهما يدلي بشهادته أمام القاضي الذي يحكم بالإنصاف بينهم.

هنا طرفي النزاع هما حبيبين يشتكي كلا منهما الآخر و على القاضي أن يحكم بينهما فيما هما فيه يختلفان.

الفكرة واحدة و المضمون مختلف:

لم يكن كاظم الساهر الوحيد الذي استغل فكرة المحكمة في أغانيه.

و لكن على النقيض تماما تناولها سيد الشيخ المغني الشعبي و بالطبع بطرح مختلف جملة و نفصيلا عن الساهر.

الفكرة الأساسية واحدة و هي المحكمة و لكن مع إختلاف المحتوي.

و هنا نحن لا نقارن بين الشخصين. لأنه لايمكن المقارنة بين نقيضين.

و ستكون مقارنة ظالمة إلى حد كبير. فكيف تقارن بين أحد أساطير الغناء العربي و أحد المغنيين الشعبيين الذي لا نعرف عنه الكثير.

و لكن هنا نتحدث عن تناول لونين من الغناء لنفس الفكرة و كل له أسلوبه ألا و هما الطرب الأصيل و الغناء الشعبي.

من المؤكد أن لكل نوع جمهوره الذي يحبه و لولا إختلاف الأذواق لبارت السلع.

كما انه ليس هناك من هو في الوطن العربي و عرف الحب إلا و عرف أغاني كاظم الساهر.

لكن أنظر التوجه في إستخدام الفكرة بين اللونين.

هذا شاهد و ذاك مشاهد: 

هذا شاهد يدلو بشهادته في حبه لحبيبته. و هذا مشاهد لما يراه من معاناه على باب المحكمة للقصص المختلفة.

الفكرة واحدة و المضمون مختلف و النهاية واحدة.

كلاهما إستخدم فكرة المحكمة و لكن إختلف السياق. كلاهما تحدث عن معاناه بشكل مختلف و كلاهما ترك نهاية مفتوحة.

بمعنى أن كاظم الساهر يتحدث هنا عن معاناة الحبيب و حبيبه و محاولات إثبات كلا الطرفين بأنه على حق.

بينما تحدث الشيخ عما يراه من معاناة البسطاء في المحكمة لأسباب مختلفة.

كلمات أغنية المحكمة -كاظم الساهر:

أنتجت هذه الأغنية عام 2009.شاركه فيها الغناء المغربية صاحبة الصوت القوي -كما تعودنا على المغاربة- أسماء المنور.

بالطبع هي من ألحان كاظم الساهر و توزيع د. فتح الله أحمد و أخرج الكليب الخاص بها المتميز دائما حسين دعيبس.

كلمات الشاعر الكبير كريم العراقي.

كن منصفا يا سيدي القاضي

ذنبي أنا رجل له ماضي

تلك التي أمامك الآن

كانت لدي أعز إنسانة

أحببتها و هي أحبتني

صدقا جميع الهم أنستني

صارحتها و قلت مولاتي

كثيرة كانت علاقاتي

قالت: حبيبي دع الماضي و قبلني

بين زراعيك أنا الكل

و أنا لي الحاضر ة الآتي

كن منصفا يا سيدي القاضي

تخونني لغتي و ألفاظي

تلك التي أمامك الآن

أشبعني ظلما و حرمانا

أنا حالة فعلا لها يرثى

حتى نسيت أنني أنثى

دللتها     دللتني!

دمرتني أنت

أهملتني أنت

أنت أنت عذابي

أنت أنت همومي

و نسيت قسوته

و قلت له

دع الماضي و قبلني

بين زراعيك أنا لي الحاضر و الآتي

مر الزماااان

تغيرت تغيرت تمردت تمردت تجبرت تجبرت و تكبرت

صبري الجميل      تجاوز الصبر

لغة الحوار          تحولت جمرا

فإن رأتني جنبها سرحا

فورا تصير إمرأة أخرى

غيرتها مرض يوسوس لي

فعلا أحن لذلك الماضي

أطلق يدي سيدي القاضي

حرر يدي حرر يدي.

الله على سهراته الكلرى

يوما أراه و يختفي شهرا

عذرا يناقض سيدي عذرا

من بيت صاحبة إلى أخري

فالشلة الأولى أعدته

لضلاله و ضياعه الماضي

كن منصفا يا سيدي القاضي

وصف و لا أروع لخصومة حبيبين: كاظم الساهر.

ما أروعك يا عراقي في هذه الكلمات و ما أعذبك يا ساهر.

يبدأ كاظم الساهر أغنيته بمطالبة القاضي بالإنصاف و يعترف بما له من ماضي و يحاول أن يكسب عطف قاضيه بالإثناء على الحب و الخصم.

و يبدأ بأن يذكرها بوعدها القديم من أنها ستتناسى ماضيه و تكون هي حاضره.

 تبدأ بعده المنور في الدفاع عن ذاتها و تطلب من القاضي مسامحتها إن تعثرت في كلامها من حرج موقفها.

ثم تهاجم خصمها مباشرة و تدعي بأنه هو من دمرها. فيرد بأنه دللها و من ثم تسميه هي عذابها و همومها.

بعدها يستكمل الساهر دفاعه بكم أنها تبدل حالها بمرور الزمن و أن غيرتها كانت عمياء حتى أنه حن فعلا لماضيه مطالبا قاضيه يتحريره من قيدها.

و تنتقده هي الأخرى بأنه عاد لما كان عليه سابقا من علاقات و تطلب هي الأخرى الإنصاف و تنتهي الأغنية دون أن نعرف بما حكم به قاضيهم.

كلمات أغنية المحكمة – سيد الشيخ:

كاظم الساهر

من إنتاج عام 2007. كلمات عماد عيد – ألحان وليد عبدالرحيم – توزيع تامر صقر و أخرجها أحمد الفيشاوي.

كنت ماشي في يوم جراحي جوه قلبي معلمة

و الدموع على خدي نازلة و عيني ليها مسلمة

قولت أرضي ربنا و رفعت إيدي للسما

التقتني فجأة واقف عند باب المحكمة

ناس كتير متجمعين و الحيرة مالية وشهم

كلهم مستنيين و الخوف بيجري في قلبهم

قلت أدخل لما أشوفهم و أبقى واحد منهم

شوفت قاضي و خلق واقفة و صوت بينده محكمة

شوفت أم ضناها واقف كان قريب منها الحديد

بينه و بينها عايزه تآخده في حضنها

الدموع ماليه عينيها

قلبها محروق عليه أبنها ضاع منها

فضلت تصرخ تدعي و تبكي و لا واحد كده حاسس بيها

و آدي أب عشان بناته مد إيده للحرام

النهاردة بيشكي حاله مين هيسمع ليه كلام

خاف عليهم من الزمان قال يسيبهم في الأمان

باع ضميره غصب عنه كل ده في لحظة شيطان

و أهو دلوقتي بيبكي و خايف من اللي هيحصل تاني كمان

شوفت شاب يا ناس بيبكي في لبقفص لما جابوه

كان بيحلم يبقى حاجة كان أمل أمه و أبوه

جم صحاب السوء خدوه و بكلامهم غيروه

نسوه كل عزيز و غالي و في طريقم ضيعوه

و أما في وقت الشدة احتاجهم اتخلوا عنه و سابوه

و آدي وااحد فوق كتافه حمل أتقل من الجبال

انتهت يا ناس حياته و في رقبته كوم عيال

و صلوه اخر الطريق مين يقول أنه بريء

كلمة واحدة القاضي قالها ضيعتلوه كل شيء

من بقا حس بجرحه و ناره و هو في دمعه لوحده غريق

شوفت أطفال و البراءة جوه منهم محبوسين

تاهو في الدنيا الكبيرة و هما لسه صغيرين

سكة واحدة اللي جابتهم في الدموع يا ناس رمتهم

مقطوعين يا ناس في الدنيا ديا و الشوارع هي بيتهم

و لا في حضن حنين طيب فكر يوم يمسح دمعتهم

يا اللي فاكر إنك انت وحدك في العذاب

طب تعالى في ناس كتيرة ده انت ورقة من الكتاب

قول يارب و هتلاقيه عيش و خلي ايمانا به

ده اللي شايف جرح غيره جرحه هو يهون عليه

احمد ربنا مهما ادالك و اوعى تقول له يارب ده ليه.

حكايات من قلب المجتمع: كاظم الساهر

استغل سيد الشيخ فكرة المحكمة بطريقة أخرى مختلفة.

لا يتحدث هنا عن الحب. بل تناول فيها قضليا مجتمعية بلغة بسيطة عامية تصل للبسطاء من الناس و هي الفئة التي يوجه لها أغنيته.

فاكلم عن تلك الأم المكلومة و التي أبعدته عنها القضبان.

ثم عن الأب الذي اضطرته الظرف للسرقة ظنا منه أن ذلك سيؤمن مستقبل بناته.

و هذا الشاب الذي أغواه أصدقاء السوء لطريق الحرام. وْ تحدث بعدها عن أطفال الشوارع المشردين.

وَ حقية هي نماذج موجودة بكثرة في المجتمع و تناول هو هذه الفكرة في إطار بسيط يناسب جمهوره.

لا مجال للمقارنة بين الحالتين: كاظم الساهر

هما اتفقا في الفكرة الرئيسية و لكن إختلفا تماما في المحتوى المقدم و تطويع الفكرة.

و من شدة الفرق بين الحالتين أكاد أقول لنفسي أنه لا يجوز الجمع بينهما.

هذا طرب أصيل و ذاك غناء شعبي.

هذه كلمات قوية و رائعة و هذه كلمات مسجوعة بسيطة.

هما اختلفا في الكثير و اتفقا فقط في الفكرة.

علما بأن كلاهما نجح. و هنا يظهر جليا إختلاف الأذواق.

فبالطبع كاظم الساهر له عشاقه في شتى بقاع الأرض و لكن أيضا الشيخ له جمهوره من الطبقة الشعبية.

سيظل كاظم الساهر هو قيصر الغناء العربي و سيظل الغناء الشعبي له محبيه فهو بمثابة الكيف بالنسبة لهم.