يهود الفلاشا .. من هم ؟ و ما هي جذورهم ؟ و كيف وصلوا إلى هناك ؟

يهود الفلاشا …..

هم مجموعة من اليهود السود من سكان إثيوبيا، الدولة الأفريقية، من أصحاب البشرة السمراء بالطبع.



تم تهجيرهم من بلادهم من خلال خطة مجدولة على عدة مراحل للوصول لإسرائيل.

كان ذلك في فترة ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي.

يطلقون على أنفسهم ” بيتا إسرائيل” و هي تعني بيت إسرائيل.

و هم أحباش على دين اليهودية، سكنوا شمال غرب بلاد الحبشة، إثيوبيا حاليا.

و تعني كلمة فلاشا في اللغة الجعزية من يهاجر او يهيم على وجهه.

و اللغة الجعزية هي إحدى اللغات السامية الجنوبية التي تحدث بها سكان منطقة القرن الافريقي.

ما هي أصول يهود الفلاشا :

من الصعب تحديد أصولهم بقولا واحدا، ذلك لأن التأريخ لبلاد الحبشة في الاجمال لم يكن كمثلها من الأمم، بل كان ضعيفا نوعا ما.

و كل ما يقال عن أصول يهود الفلاشا هو مجرد فرضيات و اجتهادات من الباحثين.

حيث مال كل منهم لفكرة اكثر من أخرى بناء على قرائته للمعطيات بين يديه و تفسيره لها.

تأتي أولى الفرضيات بأن أصولهم من اليهود الذين عاشوا في مصر في زمن يوسف عليه السلام ثم نزحوا إلى الحبشة.

و لكن يوسف ملك خزائن مصر، فمن الطبيعي ألا يكون اليهود في موقف مستضعف ذاك الزمان، ما الذي يجبرهم على ذلك؟

احتمال ثان يقول بأنهم من يهود موسى الذين لاقوا العذاب على يد فرعون، محتمل!

بينما يقول آخرون أن نسبهم ينتهي إلى بلقيس ملكة سبأ، و من المعروف تاريخيا أن كثيرا ما حكم ملوك اليمن بلاد الحبشة.

و فسر ذلك قصة أسطورية تقول بولادة ابن لها من سليمان عليه السلام و أرسلته إلى هناك و أتى بالهيكل المزعوم.

و هناك قام بتعليم اليهودية إلى اهل الحبشة و أتى بهم إلى سبإ و كانت بلقيس تعمل على نشر اليهودية في كل مكان.

خاصة مع اتساع رقعة المملكة التي تحكمها.

و تم تسجيل ذلك في كتاب ” سجل الملوك” و الذي يتناول الحديث عن الملوك التي حكمت الحبشة.

و هناك من يقول ان وجودهم يرجع لعصر سليمان عليه السلام حيث كانت الدولة في عهده وصلت إلى حد كبير من الرخاء و التوسع الاقتصادي.

و ان أصول يهود الفلاشا ترجع إلى استقرار التجار اليهود على الساحل الشرقي الافريقي.

احتمالات أخرى :

و أيضا هناك ادعاء بأنهم من يهود الشتات الذين فروا من يد نبوخذ نصر في عهد المملكة البابلية.

كذلك من الممكن أيضا ان يكون من يهود جنوب شبه الجزيرة العربية الفارين بعد انهيار سد مأرب ” سيل العرم”. 

أو انهم من سبط دان الذين اتجهوا إلى هناك بعد موت سليمان عليه السلام و تعرضهم للإبادة على يد الآشوريين.

و آخر التفسيرات يرجع لقصة أصحاب الأخدود، بعد أن قام ملك اليمن بحرق نصارى نجران، قام الاحباش بغزو اليمن بإيعاذ من الروم.

و هناك سبوا من يهود اليمن الكثير و عادوا بهم إلى الحبشة.

لكن بعد أن تعرفنا على احتماليات أصول يهود الفلاشا ، ما الذي أتى بهم إلى هناك؟

النقل الجماعي ليهود الفلاشا :

أعدت الجهات الإسرائيلية مخططا لنقل يهود الفلاشا إلى إسرائيل، بعد اعترافهم التام بيهوديتهم.

و تم ذلك من خلال ثلاث عمليات جوية على مدار عدة سنوات.



كانت الأولى في عام ١٩٨٤ و سميت بعملية موسى.

و الثانية في عام ١٩٨٥ و سميت بعملية سبأ.

و الثالثة عام ١٩٩١ و سميت بعملية سليمان.

و استمرت عمليات النقل حتى عام ٢٠١٣.

و إجمالي يهود الفلاشا هناك وصل إلى حوالي ١٤٠ الف شخص.

اي ما يشكل تقريبا ٢٪ من مجتمعهم.

علما بأن ما يقارب ال ٨٥٪ منهم مولود في إثيوبيا.

و من المعروف أيضا أن حتى غير اليهود من الاثيوبيين كانوا يقدموا أوراقهم من أجل الهجرة.

لكن يهود الفلاشا لا يتمتعون هناك بالقدر الكاف من العيش الكريم.

فهم يعتبرونهم بشر من الدرجة الثانية، الى جانب أيضا ان معظمهم لم يلقى حظا وافرا من التعليم.

فمعظمهم يمتهن مهن حرفية، خاصة و انهم حتى حينما كانوا في بلادهم كانوا دائما معزولين بشكل كبير عن باقي المجتمع.

هم دائما يميلون العزلة لكن لماذا؟

العزلة :

يعتبرونهم ليسوا باليهود الأنقياء.

هذا لأن هناك اختلافات عقائدية و تشريعية بين الفريقين.

فمثلا يهود الفلاشا لا يؤمنون بالتلمود.

و لكن يؤمنون بالأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم و التي تتناول اخبار الأنبياء و بعض العقائد و الشرائع.

و هم على نفس الظن بأنهم شعب الله المختار، كما يؤمنوا أيضا بالبعث و الحساب.

و يعتقدون في نجاسة كل ما هو غير يهودي.

عندهم ما يسمى كوخ الدم و ذلك كوخ خاص للتطهر من النجاسات حتى أن الحائض تحبس نفسها فيه.

كما يتطهرون بعدها أيضا بالغطس في النهر.

النجاسات و التطهر عندهم أمرين في غاية الأهمية و الغرابة أيضا.

من النجاسات عندهم لمس الميت مثلا.

لهم ثلاث صلوات يومية عند الفجر و منتصف اليوم و بعد المغرب، و قبلتهم القدس.

من شعائرهم أيضا الصوم، كما يهتمون أيضا بالذبح الحلال و الختان.

الكثير من الغرابة في شعارهم و معتقداتهم جعلهم يميلون العزلة عن المجتمعات الأخرى.

منذ قديم الأزل :

و ذلك شأن اليهود منذ قديم الأزل و إلى الآن، هم يعيشون في مجتمع مغلق أغلب الأحوال.

و دائما ما يميلون للعيش في تجمعات خاصة بهم.

كل هذا الكم من الغرابة جعلهم إلى حد كبير غير مقبولين من غيرهم من الاحباش.

و سوء وضعهم هناك جعلهم متحمسين للانتقال إلى الكيان العبري.

و لكن وضعهم هناك لم يختلف كثيرا إن لم يكن أسوأ من ذي قبل.

نبذة تاريخية بسيطة عن يهود الفلاشا :

في القرن السادس الميلادي كانت الأوضاع قد تدهورت في منطقة الحبشة.

حتى أن ” أستيرا ” و هي أحد ملوك يهود الفلاشا و أميرة منطقة ” سمين” قامت بالاستيلاء على الحكم.

و ظلت في الحكم لمدة تقارب الأربعين عاما، منفردة بالسلطة و حاولت جاهدة القضاء على النصرانية في أرض الحبشة.

و ذلك كان على خلاف بعض خلفاءها و الذين تنصروا فيما بعد، ربما لضمان شعب الحبشة الذي كان بطبيعة الحال على دين النصرانية.

و الجدير بالذكر انه تمكن احد أمراء الحبشة من القضاء على حكم يهود الفلاشا لأرض الحبشة.

كان اسمه ” يكونو أملاك”، و كان ذلك في عام ١٢٧٠.

ثم اشتدت شوكتهم مرة أخرى بعد دخول المسلمين إلى هناك بقيادة الإمام أحمد بن إبراهيم.

ففي الأثر انهم ساعدوا الإمام في السيطرة على الحبشة بقتلهم اهل بحر عنبا.

لكن بعد موت الإمام أحمد عاد الوضع إلى ما هو عليه سابقا.

و الآن :

إلى أن آل الوضع إلى ما هو عليه الآن، و الجدير بالذكر أيضا انه كان قد تحول الكثير من يهود الفلاشا إلى النصرانية.

ربما كان هذا التحول راجع إلى الحملات التبشيرية هناك او ربما لاختلاطهم المتواصل مع نصارى الحبشة او ربما تم ارغامهم على ذلك.

على اي حال انتهى بهم المطاف هناك في إسرائيل إلى ما هم عليه الآن من اضطهاد و شعور بالدونية.



و هياجهم في التوقيت الحالي ليس ابدا من فراغ، و للعلم تلك لم تكن المرة الأولى.

فقد كانت أول تحركاتهم من ذلك النوع عام ٢٠١٥، نتيجة أيضا لما يتعرضون له من عنصرية و اضطهاد.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *