الشفاعة .. مما ورد عن الشفاعة في القرآن الكريم و السنة النبوية المشرفة



الشفاعة في العموم هي توسط مخلوق لغيره في خير يأتيه أو رد ضرر عنه.

و فيها تجد طرفين هما الشافع و المشفوع له و يتوسط الشافع لمن يملك الإذن بالشفاعة.

والشفاعة تكون إما في الآخرة، و هي الأرفع مكانة، أو في الدنيا فيما بين البشر فيما يخص أمورهم.

من شروط الشفاعة، أن يرضى و يأذن صاحب الأمر في الشفاعة، و أن يكون الشافع و المشفوع له أهلا لذلك.

و ليس أدل على ذلك من قول الحق جل و علا في سورة النجم:

{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ (26)}.

فعلى هذا لابد من أن يأذن الله سبحانه و تعالى بالشفاعة.

و في نفس السياق أيضا ما ورد في آية الكرسي:

{اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} (سورة البقرة)

أما عن شرط الرضا فهو شرط بين في تلك الآية التالية:

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} (سورةالأنبياء).

و بالحديث عن شفاعة الآخرة فهي شقان:

شفاعة إختص بها سيدنا محمد أشرف الخلق و عليه أفضل الصلاة و السلام و شفاعة عامة يشاركه فيها الملائكة و الرسل و الأنبياء و الصالحين.

أما عن الشفاعة في الدنيا فهي شقين أحدهما حق و الآخر باطل.

فأما الحق هو ما يشفع فيه عبد في أمر يطيقه و يقدر عليه بأمر الله.

 و أما عن الباطل فهو أن تتشفع بمن لا حول لهم و لا قوة من أموات لا حيلة لهم مهما بلغت درجة صلاحهم في الدنيا.

اقرأ أيضا  عبدالله بن أبي السرح، كاتب الوحي الذي ارتد ثم تاب الله عليه



الشفاعة في الآخرة: 

كما تحدثنا من قبل فهي خاصة لسيدنا محمد عليه الصلاة و السلام و عامة يشاركه فيها من سبق ذكرهم.

١)  الشفاعة الخاصة بسيدنا محمد عليه الصلاة و السلام: 

١) {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا(80)} (سورة الإسراء).

و هذا هو المقام المحمود.

 حيث يشفع رسولنا و نبينا محمد صلى الله عليه و سلم عند الخالق جل و علا ليبدأ الحساب بعد أن يكون طال الزمن بالخلق أجمعين في اليوم المشهود.

و يكون هذا بعد أن يذهب الناس لآدم و إبراهيم و موسى و عيسى و لا يستجيب لهم أحد إلا صاحب المقام المحمود محمد صلى الله عليه و سلم.

و هذا المقام المحمود هو الذي ندعو به الله بعد سماع الآذان (و إبعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد).

٢) كما يكون صلى الله عليه و سلم أول من يفتح له باب الجنة.

 و هذه هي الشفاعة الثانية حينما يأذن الله له بأن يفتح له بابها ليدخل بعد منه من يستحقونها.

و ما يؤكد ذلك من السنة الشريفة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ” رواه مسلم”.

٣) و شفاعته الثالثة فهي في دخول الجنة بغير حساب لأناس من أمته و هناك حديث طويل لأبي هريرة ورد فيه:

يا محمد إرفع رأسك سل تعطه و اشفع تشفع فأرفع رأسي و أقول أمتي يارب أمتي يارب أمتي يارب فيقال يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة.

٤) ورد أيضا في الحديث الشريف: عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه” رواه البخاري.

اقرأ أيضا  أصحاب الرس ، روايات كثيرة عنهم …. من هم؟

و قصد بها عمه أبي طالب و هذه هي شفاعته الرابعة في الآخرة.

٢) شفاعة سيدنا و رسولنا محمد صلي الله عليه و سلم و النبيين و الصالحين: 

١) الشفاعة في عدم دخول النار لمن يستحقها:

و في هذا حديث مسلم:

ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه.

٢) الشفاعة في خروج بعض الناس من النار:

و في هذا حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا:

فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون.

فيقال لهم:

أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا.

فيقول الله عز وجل:

شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط.

٣) الشفاعة في رفع درجات المؤمنين في الجنة:

مثلما حدث مع أبي سلمة رضي الله عنه .

فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعــا له قائلا:

اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر  لنا وله يارب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه.

الشفاعة في الدنيا: 

و هي شقان كما ذكرنا من قبل أحدهما حق و الآخر باطل.

١) أما عن شفاعة الحق:

فترجع لمقدرة الشافع على ذلك.

و فيها أمرين، أولهما ألا يترتب عليها ضرر أو شر و ألا تكون فيما حرم الله.

و ثانيهما تقديم النية الطيبة و حسن الظن بالله قبل أي لاشيء.

 فيجب على طالب الشفاعة أن يعتقد تمام الإعتقاد أن من يشفع له هو مجرد سبب و لن يتم الأمر إلا بإذن الله.

أما عن النهي عن طلب ما هو غير مشروع فورد في السنة النبوية الشريفة ما يلي:

عن عائشة رضي الله عنها فيما جاء في البخاري أن قريشا أهمهم أمر تلك المرأة من بني مخزوم لعلو شأن عشيرتها.

اقرأ أيضا  علامات الساعة الكبرى .. عشر علامات كبرى لقيام الساعة

و كانت قد سرقت فخرجوا يطلبوا من يحدث رسول الله في أمرها و إرتئوا أن يكلمه في ذلك أسامة بن زيد لما عرفوا من حب رسول الله صلى الله عليه و سلم له.

فلما ذهب أسامة ليحدث رسول الله صلى الله عليه و سلم غضب نبي الله و رسوله غضبا شديدا و رد عليه قائلا: ” أتشفع في حد من حدود الله “

و قام بعدها و خطب في الناس:

أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.

 و الذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.

٢) أما عن شفاعة الباطل: 

فهي إما تكون بطلب الشفاعة ممن هو حي و لكنه غائب بعيد عن طلبها و هذا لا يصح.

أو بطلب الشفاعة من ميت لا حول له و لا قوة.

أو بطلبها مما قد أشركوا به من أصنام و أوثان و غيره.

و كل تلك الأمور على باطل.

و في هذا جاء في القرآن الكريم:

{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)} (سورة يونس).

كما جاء أيضا:

{أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23)} (سورة يس).



مما سبق نستنتج أن هناك شفاعة خاصة بنبي الله محمد صلى الله عليه و سلم يوم يقوم الحساب.

كما أن هناك شفاعة أخرى يشاركه فيها باقي الرسل و الأنبياء و الصالحين في الآخرة.

و هناك أيضا شفاعة في الدنيا و تحدثنا عن شروطها التي تصح بها،  و فقنا الله و إياكم لما فيه كل خير.

اللهم أرزقنا الشفاعة شفاعة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة و السلام يارب العالمين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *