الخوف من الجديد .. هل لي يارب من خلاص؟



الخوف من الجديد ، هناك.. حيث تقبع في أرض الخوف!

لا ملاذ لك إلا أن تبقى كما أنت، هكذا تحدثك نفسك.

ترى أن الخطأ هو أت تغادر تلك المنطقة، أن تترك ملجأك الآمن الذي لطالما رضيت به.

الخوف من الجديد يقود حياة الكثيرين و يسيطر عليها، يتحكم هو وحده في مجريات الأمور.

قبل أي خطوة في حياة المصال بالخوف من الجديد يفكر هذا الشخص مليا في إتخاذ هذه الخطوة.

بل أن مجرد التفكير فيما هو جديد يحتاج لقرار صعبا للغاية.

أتدري مدى صعوبة الأمر؟ مجرد سماحك لعقلك في التفكير دون حتى التنفيذ هو قرار صعب.

و يعتبر الخوف من الجديد نوع من أنواع الرهاب أو الفوبيا و أطلقوا عليه نيوفوبيا (Neophobia).

حيث يخشى المرء مل ما هو جديد، من الصعب جدا عليه التغيير، تغيير أي شيء من حوله.

غالبا هواة الخوف من الجديد من الأشخاص الذين لا تستهويهم المغامرة و ليست من سلوكياتهم.

(Risk taking behaviour) هو آخر ما يمكن أن يفعلوه.

هم عشاق الروتين و الكلاسيكية، لا يرتضون أبدا بخوض تجارب جديدة، يفضلون العيش كما يعيشون دون تغيير.



فسيولوجية الخوف من الجديد:

من المتعارف عليه أن الخوف عامة ظاهرة صحية طبيعية.

فالخوف يعتبر تحذير قوي مما هو قادم.

و لو تلاشى هذا الشعور لتعرض الإنسان للكثير من المخاطر دون محاولة مقاومتها أو الهروب منها.

لذلك فالخوف يعتبر شيء غريزي، شعور فطري يولد مع الإنسان.

لكن الخوف يحتاج لشيء من التجربة.

أي أنه يتزايد مع كم التجارب التي تمر بها.

فتجد أن الطفل في باديء الأمر و حتى عمر سنتين تقريبا لا يهاب الظلام و لا يخاف من الكثير من الأشياء التي من المفترض أن تكون مخيفة له.

لكن تدريجيا يختفي هذا الأمر و يبدأ الشعور بالخوف و الخطر مما هو خطر فعلا.

الأدرينالين هو كلمة السر  في فسيولوجية الخوف.

هو الهرمون الذي يظهر عن طريق الغدة الكظرية (فوق الكلوية) عند الشعور بالخوف.

اقرأ أيضا  أفضل طرق التغلب على الخوف.. أسباب الخوف المرضي

و ما يحدث وقتها هو؛ عند الشعور بالخوف يزداد إفراز الأدرينالين تدريجيا.

يعمل الأدرينالين على زيادة ضخ الدم و الأوعية الدموية بصورة كبيرة يزداد تحفيز المخ للعضلات لإتخاذ رد الفعل المناسب.

تتسع حدقة العين و يحمر الوجه و يزداد العرق و تصبح العضلات أكثر نشاطا.

يتخذ الجسم رد الفعل الذي يراه مناسبا سواء كان الجري، الإختباء و في بعض الأحيان التجمد.

أما الخوف من الجديد فهو لا يعتبر نوع من الخوف بشكله المتعارف عليه فسيولوجيا.

إنما هو حالة من القلق و التوتر تتنتاب الشخص عند التفكير بهذا الشأن دون أن يكون هناك رد الفعل من الجسم مثلما يحدث عند الشعور بالخوف.

حينما يفكر في التغيير أو إنتظار أمر جديد كإنتظار مولود مثلا.

فهو يفكر بشكل سلبي حيال هذا الموضوع و لا يرى فيه الأمان.

بل يرى أن بقاءه كما هو دون حديث الجديد هو الأفضل له.

يحدث ذلك داخل المخ دون أن تصاحبه تلك التغيرات الفسيولوجية الحادثة مع الخوف، حتى و لو بشكل أقل بكثير.

إذ أن الخوف من الجديد أو التغيير لا يخرج عن نطاق العقل و لا يحتاج لرد فعل حركي بعده.

سيكولوجية الخوف من الجديد:

كما قلنا من قبل أن الخوف من الجديد هو غريزة تحذيرية تظهر بالفطرة مع الإنسان.

بمجرد أن يبدأ الشخص في الإدراك، تنضج داخله هذه الغريزة.

هناك نظرية تقول بوجود علاقة طردية بين الخوف و التقدم في العمر.

الطفل لا يشعر بالخوف في باديء الأمر و لكنه تدريجيا يبدأ بالمرور بالتجارب و يكتسب الخبرات مما يولد لديه الشعور بالخوف.

أما عن الخوف من الجديد فهو خير دليل على تلك النظرية، فكلما تقدم الشخص في العمر كلما تمسك بمعتقداته و أفكاره.

و كلما تقدم بك العمر كلما إزداد كم التجارب التي خضتها و أيضا إكتسبت الخبرات التي ليس بالشرط أن تكون جيدة (فالمدمن مثلا يكتسب الخبرات تدريجيا فيما يجعله أكثر سعادة سواء كان الجرعة أو النوع الذي يتعاطاه).

الخبرات التي يكتسبها الشخص الذي يعاني من الخوف من الجديد يطوعها كلها لتعزيز معتقداته و تقوية أفكاره و إنمائها.

اقرأ أيضا  انواع الشخصيات .. تعرف على شخصيتك .. هل أنت إنطوائي ، هستيري ، سيكوباتي ، سازج ، نرجسي أم …. ؟

معظم التجارب التي مر بها مرت عليه بصعوبة مما يزيد من تخوفاته، حتى و إن مرت عليه دون أذى، لأن مجرد إنتظار مرور التجربة يجعله يعاني.

مثال: كل مكان جديد للعمل يتخوف منه كثيرا و يتخوف من التفاعل مع زملاء جدد في العمل و على الرغم من أنه قد يكتشف العكس تماما.

لكم مجرد خوض التجربة يكون مرهقا له في البداية و قبل خوض هذه التجربة يكون التفكير فيها فعليا هو الفترة الأصعب.

قبل خوض التجربة يكون التفكير في أوجه و يكون القلق و التوتر على أشدهما إلى أن يجبر على الدخول في التجربة يصبح الأمر أقل وطأة.

إذن سيكولوجية الخوف من الجديد تنبع من التفكير في التجربة، أي أن المشكلة ليست مع المرور بالتجربة بقدر ما هي مع قرار خوضها.

الخوف من الجديد دمر كل شيء:

يكلفك الخوف من الجديد الكثير و الكثير.

تضيع عليك الفرص واحدة تلو الأخرى.

ليس مجرد تردد في إتخاذ القرار فحسب لكنه يصل أحيانا لدرجة قرار مسبق بعدم خوض التجربة مهما كانت النتائج.

هو إصرار على الخطيئة بغض النظر عن العواقب.

حتى و إن كانت المعاناة شديدة مع الوضع الحالي و لكن الخوف من الجديد و التغيير أقوى من تلك المعاناة.

لا يمكن تغيير هذا الوضع بأي حال من الأحوال.

فكيف بشخص يعاني من وضعه الحالي و أمامه فرص لتغيير هذا الواقع المؤلم و يرفض ذلك!

يرفض ذلك لمجرد الخوف من الجديد و الخوف من خوض تجربة لم يمر بها من قبل، بل أن مجرد مروره بتجربة تتشابه نوعا ما معها جعله يرفض خوض التجربة الجديدة حتى و إن كان فيها تغييرا للأفضل.

إنها حماقة غير مسبوقة، فأنت تعرف أن هذا هو الطريق الصحيح و كل الدلائل و الإرهاصات تؤكد ذلك و لكن هناك ما هو أكبر من ذلك إنه الخوف من الجديد الذي دمر كل شيء.

الخوف من الجديد و الكومفورت زون:

الكومفورت زون هي منطقة الراحة.

اقرأ أيضا  السعاده قرار مش اختيار دليل شامل للسعادة

حيث يتنامى لدى الشخص الشعور بالإرتياح من البقاء كما هو.

تجده كثيرا ما يتذمر من واقعه و ينتقد حياته و يلقي اللوم على الآخرين و يتحدث دائما عن رغبته في التغيير.

و لكن في واقع الأمر هي مجرد رغبة دون رد فعل فهو مرتضي تماما من داخله بذلك و لا سبيل للتغيير بعقله.

هو يضع حالة من الروتين مهما كانت معاناته من هذا الروتين و لكنه حقيقة يستمتع بها و يشعر فيها بالأمان.

خروجه من هذه المنطقة يحمل له الكثير و يحمل له الشعور بعدم الإستقرار، هو لا يريد التغيير و يخشى ما هو قادم.

الخوف من الجديد و الكومفورت زون وجهان لعملة واحدة.

كل منهما طريق يؤدي إلى طريق، هما ليسا طريقان متوازيان بل هما طريقان متقابلان في نفس النقطة أو هما طريق واحد في الحقيقة.

هذا الطريق بداخله كل مقومات الفشل و عدم النجاح، لكي تنجح يجب أن تغادر هذا الطريق.

الفرق الوحيد بينهما أن الخوف من الجديد يحمل بداخله الكثير من التوتر و القلق و على النقيض الكومفورت زون تتمتع فيها بالراحة النفسية لما أنت عليه.

لكن من المؤكد أن نهاية التجارب في الكومفورت زون و الإستسلام للخوف من الجديد يؤديان لنفس النتائج؛ لن تتقدم خطوة واحدة للأمام.



تخلص من مخاوفك:

أولى خطوات التخلص من المرض هو تشخيصه، للخروج من مشكلة ما يجب أن تدركها.

أي أنك للتخلص من الخوف من الجديد يجب أولا أن تؤمن بوجوده بداخلك.

يساعدك هذا على التخلص منه.

ثم عليك بالثورة على نفسك و الثورة على مخاوفك.

التوكل على الله و ليس التواكل هو أحد مفاتيح نجاحك لتتخلص من هذه المشكلة.

يجب أن تفكر بطريقة إيجابية فيما هو قادم، حسن الظن بالله و اليقين به يجب أن يكونا البداية.

لتخرج من الكومفرت زون أولا و بعدها سيأتي النجاح بإذن الله.

بقاءك هناك و وجودك أسير الخوف من الجديد لن تقضي عليهم إلا إذا ثرت على نفسك و على مخاوفك.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *