الخجل .. طعنة سيف الحياء



الخجل أحد المشاعر الإنسانية الجميلة التي يتمتع بها بنو البشر.

من الطبيعي أن يضيف الخجل لصاحبه شيئا من رقة القلب و اللين.

جرت العادة أن الخجل صفة أنثوية أكثر منها ذكورية.

المرأة يجب أم تتمتع بقدر من الخجل العفيف الذي يزيدها أنوثة وجمالا.

على العكس تماما، هو ليس من الصفات المرتبطة بالذكورة إلا في حالات معينة.

مجازا يمكن إصطلاح كلمة الحياء بدلا من الخجل.

تجد أن التبجح في القول و الفعل أمرا مرفوضا تماما للجميع.

و هو على العكس تماما صفة تجعل الناس تنفر من صاحبها.

عرفنا من أجدادنا أن الشيء ينقلب إلى الضد إذا زاد عن الحد.

لهذا فالخجل إذا كان صفة جميلة محمودة في البشر إلا أنه إذا زاد عن الحد الطبيعي تكون له عواقب خطيرة.



كيف ينشأ الخجل؟ 

الخجل ليس من الصفات الموروثة في البشر، بل هو أحد الصفات المكتسبة.

أي أن الخجل ينمو و يكبر داخل الإنسان دون أن يكون أمرا فطريا يولد معه.

لهذا فالأسرة و البيئة المحيطة لهما الدور الأول و الأخير في السيطرة على الخجل إذا لوحظ وجوده بشكل مفرط في الطفل.

تساعد الأسرة بشكل مباشر دون إدراكهم لذلك في تنمية الشعور بالخجل لدى الأبناء.

بداية من منعهم من إبداء الرأي و عدم السماح لهم بالخوض في أي نقاش إنما هي أوامر يجب عليهم تنفيذها.

تكون هذه هي البداية فيبدأ الطفل بالشعور بأن لا رأي له و أنه مسير في كل شيء و يشعر و كأنه شخصية ألغيت تماما.

الخجل الضار:

يواجه الشخص الخجول الكثير من المشاكل فيما بعد.

فهو يتعرض للأذى النفسي الشديد في كل موقف يشعر فيه بالخجل و تتحول المشكلة من مجرد خجل زائد إلى فوبيا أو رهاب.

اقرأ أيضا  أغرب أنواع الخوف المرضى ( الفوبيا ).. قد تتفاجىء مما يخيف بعض الناس

تدريجيا يفقد الشخص قدرته على التعبير عن رأيه أمام جمع من الناس.

يفكر مليا قبل أن ينطق لسانه بأي كلمة أمام الحضور.

تجد مثلا الطالب الخجول على الرغم من معرفته الإجابة إلا أنه لا يملك الشجاعة للرد.

قد يطلب شخصا طلبا منك و ترحب بمساعدته بالرغم من معرفتك أنه لا يستحق أو تعرف أن هذا سيؤدي لك ببعض المتاعب.

لكنك و بدافع الخجل و الحياء توعده بالمساعدة و تفعل ذلك فعلا و هناك إقتناع بداخلك بأن العكس لن يحدث و لكنه الخجل الضار الذي يدفعك لذلك.

يظن الشخص المصاب بالخجل الزائد أنه مراقب من الآخرين و أنه دائما تحت المنظار.

يظن ذلك في كل شيء، في هيئته و كيف سينتقدها زملائه، في تصفيف شعره الذي قد يجلب له السخرية، حتى طريقة كلامه و مشيته و الكثير و الكثير.

من المؤكد أن ذلك قد يدفعه للعزلة و الإنطوائية تدريجيا و بالتالي قد ينتهي به الأمر إلى الإكتئاب.

حكى لى أحد الزملاء أن زميلا له دخل أحد المتاجر لشراء بدلة لمناسبة، أعجبته واحدة، قرر شرائها، ذهب لدفع الحساب.

فوجيء برقم كبير جدا، بمنتهى البساطة كان يمكنه إعادتها، لكن بدافع الخجل إضطر لشرائها.

لا يقتصر الضرر الناتج من الخجل على الضرر النفسي فقط بل المادي أيضا كما ذكرنا في المثال السابق.

الخجل طعنة سيف الحياء أحيانا:

الخجل الزائد يتحول من مشاعر جميلة إلى مشاعر سلبية محبطة.

تجعل صاحبه يشعر بالدونية و عدم قدرته على ملاحقة الآخرين و منافستهم في أي أمر.

هو دائما الأسوأ بينهم.

على ماذا يستند في رأيه هذا؟

إلى لا شيء، لا توجد دوافع حقيقية تخبره بذلك.

هي مجرد أوهام إصطنعها هو نتاج خبرات سابقة سيئة بدأت منذ نشأته.

اقرأ أيضا  أغرب أنواع الخوف المرضى ( الفوبيا ).. قد تتفاجىء مما يخيف بعض الناس

أصبح الآن شخص فاقد الثقة في نفسه إلى حد كبير.

يقوده ذلك إلى الفشل و فقدان التركيز في أداء و ظيفته أو مهام منوط به أدائها.

دائما ما يجد لنفسه العذر، متعللا بأن حياءه يمنعه من ذلك.

أي حياء هذا الذي يجعلك تتنازل عن حقك أغلب الأحيان.

بالطبع يصل به الحال لعدم القدرة على القيادة و يحرمه ذلك الكثير من المناصب، هو لا يقدر حتى على أن يقود نفسه.

هو شخص يستهلك الفرص المتاحة واحدة تلو الأخرى.

هو شخص ينزف دون أن يدري، هو يطعن بسيف الحياء الذي صنعه بنفسه.

و ” ما أخذ بسيف الحياء فهو باطل. ” هكذا تعلمنا من أجدادنا.

لكن أنت الملام لا أحد غيرك، لن يجبرك أحد على فعل ذلك.

أنت فعلت مبررا لنفسك خطيئتك بذريعة الحياء.

و الحقيقة أنك أنت السبب، أنت من أعطى الفرصة لمن إستغلك بأن يفعل ذلك.

من دون حياءك الزائف ما كان وصل بك الحال لهذا.



تخلص من الخجل:

هو ليس بالأمر الهين أبدا أن تتخلص من عادة سيئة لازمتك على مدار السنين.

لكن يجب عليك أن تتعب و تجتهد لكي تعوض ما حدث من خسائر، يكفيك هذا العبث السابق.

جرب أن تجلس وحيدا في غرفتك و تعطي لنفسك جرعة إيجابية من الثقة.

أنظر لنفسك في المرآة أخبرها بأنها ناجحة في فعل كذا و كذا.

ذكر نفسك بنجاحاتك السابقة مهما كانت قليلة.

خاصة تلك النجاحات التنافسية و التي تغلبت فيها على خصوم مهما كانت بسيطة.

دائما جالس من تحب أن تكون بجانبهم و إبتعد قليلا عمن لا تحب.

وجودك بجانب من تحب يعطي لك الشعور بالأمان و الطمأنينة و يرفع عنك الحرج بشكل كبير.

اقرأ أيضا  أغرب أنواع الخوف المرضى ( الفوبيا ).. قد تتفاجىء مما يخيف بعض الناس

ممارسة الرياضة تساعدك كثيرا على التخلص من الخوف الذي ينتابك و ترفع من روحك المعنوية.

لا تنتقد نفسك كما كنت تفعل من قبل، هون عليك الأمر.

فكر في مستقبل أفضل بشكل إيجابي، لا تفكر بسلبية فيما هو آت.

أجبر نفسك على الدخول في نقاش مع من لا تعرف و ناقش معهم قضايا عامة.

حدد شخصا قدوة لك و يكون ممن تحبهم، إبدأ بمراقبة تصرفاته و ردود أفعاله و حاول أن تستفيد من ذلك.

في النهاية التغيير بيدك أنت بأمر الله سبحانه و تعالى .

نعم هو له القدرة في كن فيكون و لكنه يريدك أن تجتهد و تسعى لتصل إلى ما تربو إليه.

الخجل مشاعر جميلة و لكن إن ظلت في حدودها فحافظ عليها داخل إطارها و لا تخرجها منه.

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *