أزمة منتصف العمر .. حينما يترنح الرجال



هل شعرت يوما بأنك ناقم على كل شيءحولك؟ و أول ما تنقم عليه هو نفسك! خاصة إذا ما كنت إقتربت من الأربعين أو جاوزتها، إنها أزمة منتصف العمر.

حينما تصل إلى ما حول سن الأربعين قد تجد نفسك غير راض عن أي قرار إتخذته من قبل.

ستحمل نفسك الكثير و الكثير، ستعتبرها مسئولة عن كل شيء خطأ حدث لك و أنت غير راض عنه.

ستدين نفسك كثيرا و تتهمها بعدم النجاح و أنها هي من أوصلك لما وصلت إليه.

لن تكف عن لوم نفسك، ستقول يا ليتني ما فعلت كذا و كذا، و كم أخطأت كثيرا حينما إتخذت قرار كذا و كذا.

الشعور بالفشل من أسوأ المشاعر التي من الممكن أن يمر بها الفرد، قد يحطمك كليا.

إنها أزمة منتصف العمر التي كثيرا ما يمر بها الرجال.



متى تبدأ أزمة منتصف العمر؟

عادة ما تبدأ أزمة منتصف العمر في سن الأربعين و تبلغ أوجها في منتصف الأربعين.

و مؤخرا لوحظ ظهور أزمة منتصف العمر لدى الرجال في سن مبكرة لذلك، في الثلاثين من العمر.

ما الذي يحدث في أزمة منتصف العمر عند الرجال؟

أنت الآن تجد نفسك تقيس الأمور من منظور مختلف تماما عما سبق.

ستعيد تقييم شئونك الخاصة و العائلية بشكل جديد، بل ستختلف ردود أفعالك بشكل كبير عما كانت عليه سابقا.

من الوارد أيضا الإصابة بالإكتئاب الشديد و يدفعك ذلك للإنطوائية و حب العزلة شيئا فشئيا.

و من الأصدقاء المقربين لأزمة منتصف العمر:

التوتر الشديد، الشعور بالأرق، و لكم عندما تخلد للنوم ستزيد فترات نومك عن المعتاد بكثير.

عدم الرضا بأي حل لأي مشكلة سيصبح ملازما لقراراتك.

ستوجه النقد لكل شيء على المستوى المادي و المعنوي.

و تملك الآن قدرة كبيرة على إختلاق المشاكل، صغائر الأمور ستصير أمورا عظيمة!!

و ستصبح كل الأمور البسيطة أكبر مما تبدو عليه مهما كانت تافهة.

يرفض الرجل في هذه الفترة فكرة تعلم أي خبرات جديدة، فهو الآن يرى أنه تعلم ما يكفيه.

كما قد يبالغ أيضا في الإهتمام بمظهره بشكل أكبر مما مضى.

يتذكر دائما الشباب و كيف كان حاله وقتها، و تجده يتحدث عنه و هو يعض على أنامله.

المخ الآن أوشك على الإنفجار، التفكير الزائد أصبح زائدا عما يحتمل!

اقرأ أيضا  ليت الشباب يعود يوما ……… لا….. لن يعود يا أبا العتاهية

كيف سيشعر الرجل في أزمة منتصف العمر؟

سيشعر الرجل و كأنه كان بانيا لصرح من خيال فهوى.

أي أنه كان يعيش في وهم سابق بعيدا عن الواقع الذي كان من المفترض أن يعيش فيه.

شعوره بأنه كان دائما بلا رأي صارم، بلا قرار و أضاع على نفسه الكثير من الفرص بسبب تردده الأحمق.

يلوم الرجل نفسه على عدم إتخاذ قرارات كانت وقتها هي الأصلح سواء على المستوى الأسري أو العملى، و ذلك بقياس عقله الآن.

فمثلا حينما عرض علي العمل بذلك المكان لماذا رفضت؟

لو كنت إخترته لكان الوضع مختلفا الآن، و لكن بسبب عدم قدرتي على إتخاذ القرار أضعت فرصة لا تعوض.

القرار الأقرب:

سيصبح القرار الأقرب له الآن هو التخلي عن كل شيء، التخلي عن جميع المسئوليات الواقعة على كاهله.

تحطيم قيود الماضي و ما يربطه به، الآن و ليس غدا، هو القرار الأقرب!!

لماذا هذا التخلي؟

هي محاولة لتصحيح الأوضاع بناء على القياس الجديد.

هو إنقلاب على الماضي و قراراته.

أنت الآن تملك فرصة جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

محاولة لإعادة الشباب من جديد.

إذن فلتبدأ الحياة مجددا و لكن بشروطي!

بما تتعلق أزمة منتصف العمر؟

أكثر ما ستلوم عليه نفسك سيكون متعلقا بالمسيرة المهنية بداية من إختيارك للمهنة مرورا بإخفاقاتك أثناء عملها نهاية بالوضع الغير مرضي الذي وصلت إليه.

و ستراجع أيضا نفسك على المستوى الإجتماعي.

كيف كانت ردود أفعالك مع الآخرين في كثير من المواقف و لماذا تساهلت مع هذا و تسامحت مع الآخر؟

و من أصعب المشاعر التي سيمر بها الرجل في هذه الأزمة، شعوره بالدونية و النقص عند مقارنة نفسه بأقرانه.

لماذا الأربعين؟

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) (سورة الأحقاف)

حدد القرآن الكريم أشد الرجل بأنه أربعين سنة.

و قيل يبدأه الرجل في الثلاثين و يستوي في الأربعين.

و هنا يبدأ النضج في التفكير.

ذهب عنك الآن إندفاع الشباب و جهله.

فأنت الآن تزن الأمور بشيء أكثر من العقلانية و تراجع نفسك في كل تصرفاتك الماضية.

اقرأ أيضا  (التراحم) أسلوب حياة .. إزاى تتواصل مع نفسك و غيرك من غير عنف.

أزمة منتصف العمر و العلاقة الأسرية و الزوجية:

يرجع البعض مرور الرجل بما يسمى أزمة منتصف العمر إلى شعور الرجل بعدم إشباع رغباته خلال فترة مراهقته و شبابه.

مما يؤدي به إلى محاولة تعويض ما فاته، فتجده يلجأ لبعض الأفعال التي قد ينكرها الجميع عليه و أولهم زوجته.

يبدأ في قضاء وقت أكبر مع أصدقائه، بالإضافة إللى السهر لوقت متأخر من الليل في كثير من الأوقات.

كما قد تلاحظ إهتمامه الزائد بمظهره، و إرتداءه لما لا يناسب سنه أو مكانته.

الخوف الزائد مع تقدم السن من تناقص القدرة الجنسية يدفعه للتفكير في أمور غير متزنة.

قد يتخلى عن مسئولياته الخاصة ببيته و يحاول إسنادها لأي شخص آخر.

ستعاني الزوجة بالتأكيد من النقد المستمر و محاولاته المستميتة لتصيده لأخطائها.

الزوجة الآن تحت المرصاد، و يجب أن تستعد جيدا لذلك.

الهرمونات و أزمة منتصف العمر:

التستوستيرون هو هرمون الذكورة و المسئول بشكل كبير عن القدرة الجنسية.

يتناقص سنويا بنسبة ١٪ عند الرجال بعد سن الأربعين.

شعور الرجل بأن هناك ما يهدد فحولته، من الممكن أن يدفعه للجنون.

فيحاول جاهدا الدفاع عن نفسه و إثبات العكس أمام نفسه و أمام الجميع.

أيا كانت الوسيلة، سواء في طريقة هندامه و إهتمامه بها، لدرجة تصل للجوءه للخيانة الزوجية، فهذا يشعره بأنه مازال قادرا مرغوبا.

أزمة منتصف العمر هي معركة يجب أن تخطط لها جيدا تحسبا لخوضها:

و لتكن حياتك الزوجية مليئة بالعاطفة و الحنان، فسيساعد ذلك كثيرا على تخطي الأزمة بأقل الخسائر.

إستماتتك في تحقيق أحلامك مسبقا، هو السلاح الأهم إمتلاكه قبل هذه المعركة.

سيولد هذا عندك شعورا بالنجاح و هذا أمر مهم للغاية، لأنه سيعطيك القدر الكافي من الثقة لتخطي الأزمة.

يجب أن تحرص دائما على إشباع رغباتك سواء كان على المستوى العملي أو الأسري.

العلاقات الزوجية الدافئة و الحياة الأسرية الدافئة غالبا ما تجعل مثل هذه الأزمات تمر بسلام.

الزوجة لها دور كبير في تخطي الرجل أزمته، كعادتها دائما:

باديء ذي بدء، الأنوثة، عليها أن تهتم بكل ما هو أنثوي بداخلها ماديا و معنويا، و ذلك حتى يشعر الرجل بأن هناك من يحاول أن يرغبه فيه.

عليها أن تفعل من الحيل ما تستطيع لتبقي عليه و تظل في نظره أجمل النساء.

عليها أن تسمع له و تنصت، تتحدث إليه و تشاركه مشاكله و تسدي له النصيحة دون جرح مشاعره.

اقرأ أيضا  المراهقة مرحلة تقلب ..طيش.. تهور..خطر يحتاج الى تنبيه من جانب الأب والأم

يجدر بها أن تتوقف عن مبدأ الندية في التعامل، بل و تتظاهر بالضعف أمامه لتشعره أنه هو الحاكم بأمره في بيته و بالطبع دون أن تتنازل عن كرامتها.

إذا ما وجدت منه ما أخطأ، فمن الأفضل أن تتجاوز عن بعض هذه الأخطاء في هذا الوقت.

حاولي ألا تزيدي من قيوده و أتركي له مساحة من الحرية أكبر من ذي قبل.

هكذا تفعل الزوجة الصالحة من أجل زوجها.

هل تمر المرأة أيضا بأزمة منتصف العمر:

أزمة منتصف العمر واحدة من الحالات القليلة التي يمر بها الرجال أكثر من النساء.

فالنسبة في الرجال ٧٥٪ مقارنة بالنساء ٢٥٪ من إجمالي البشر الذين يمرون بأزمة منتصف العمر.

و تصل النسبة إلى حوالي ١٠٪ من الرجال يصابون بهذه الأزمة.



و رغم أن المراة، و بصراحة، أكثر عرضة من الرجل للإصابة بالعديد من الأمراض العضوية و النفسية مقارنة بالرجال، إلا أن أزمة منتصف العمر تحدث في الرجال بدرجة أكبر بكثير من النساء.

ترتبط الأزمة عند النساء بفسيولوجيا الجسم أكثر منها في الرجال، فهي مرتبطة إرتباطا لصيقا بسن اليأس.

و سن اليأس هو سن بداية إنقطاع الدورة الشهرية في السيدات، و يصاحبه بعض التغييرات و الأعراض منها:

العصبية الزائدة، الشعور المستمر بالإعياء و الضيق، التعرق و سرعة ضربات القلب، هذا ما يطلق عليه حدة الهبات الساخنة.

ترجع هذه التغيرات في الأساس إلى نقص هرمونات الأنوثة ( الإستروجين و البرجسترون ).

تشعر المرأة في أزمة منتصف العمر و كأنها لم تعد أنثى كما كانت من قبل و أن أهميتها لشريك حياتها قد تضائلت كثيرا.

كرد فعل لذلك قد تتصرف بشكل غير طبيعي، فتحاول أن تتجمل أمام أعين الناس مثلا.

تحاول أن تتظاهر بأن علاقتها بزوجها في أحسن ما يكون، حتى أنها قد تدعي كذبا بتعرضها للمعاكسات.

بينما يتراوح عمر الأزمة في السيدات بين عامين إلى خمسة أعوام، تكون عند الرجال بين ٣-١٠ سنوات.

لا شك أن هناك فترات في حياة كل فرد يتخبط فيها كثيرا، و هي الفترات الإنتقالية من مرحلة لأخرى.

من الفترات الحرجة مثلا فترة المراهقة و التي ينتقل فيها الفرد من الطفولة للشباب.

و بالطبع إنتقاله من الشباب إلى النضج، حينها فقط تظهر أزمة منتصف العمر .. حينما يترنح الرجال.

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *