الملك فيصل – سيرة الملك فيصل – إنجازات الملك فيصل – الملك فيصل رجل يتشرف التاريخ بذكر إسمه
الملك فيصل رجل أفنى عمره كله في خدمة الإسلام و العروبة و كانا دائما نصب عينيه و أول و آخر إهتماماته.
كان الملك فيصل رجلا حكيما ، يملك من رجاحة العقل و حسن الفكر ما لا يملكه غيره من الرجال.
هو الملك الثالث للمملكة العربية السعودية حفظها الله و راعاها من كل شر و سوء.
حفلت حياته بالكثير من الأحداث و المشاهد التي لطالما أشارت إلى أنه كان رجلا على غير العادة.
إتخذ الملك فيصل من الرحمة و العدل و التراحم أسسا لحكمه.
إنجازاته و أعماله مازالت حاضرة إلى وقتنا هذا ، فلم و لن ينسى هذا الإسم من الذاكرة و سيظل يتشرف التاريخ كلما ذكر إسمه.
” مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) ” سورة الأحزاب.
نشأة و سيرة الملك فيصل:
ولد الملك فيصل في الرياض ١٨ صفر عام ١٣٢٤ من الهجرة الموافق ١٤ إبريل عام ١٩٠٦.
هو الإبن الثالث للملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.
و يوم مولده هو يوم إنتصار والده في معركة روضة الهنا إحدى المعارك في سبيل بناء الدولة السعودية.
و أمه هي السيدة الأميرة طرفه بنت عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمها الله.
الإسم بالكامل:
فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود.
و توفت والدته بعد ميلاده بستة أشهر و تولى تربيته بعدها جديه لأمه.
فقامت برعايته جدته لأمه السيدة هيا بنت عبد الرحمن آل مقبل.
و اعتنى به جده لأمه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ الذي أسسه على التربية الدينية الصالحة و كيف لا و هو سليل الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
فختم حفظه للقرآن و هو في التاسعة من عمره.
و برع في الفروسية و السلاح منذ صغره.
أسرة الملك فيصل:
تزوج الملك فيصل من السيدة عفت بنت محمد بن سعود الثنيان آل سعود.
له من الزيجات سبع و له من الأخوة و الأخوات الكثير و هم:
لطيفة، صيته، البندري، الجوهرة، مساعد، متعب، فهد، محمد، تركي الأول و الثاني، خالد، مشعل، عبد الرحمن، سطام، سلطان، نايف، سلمان، أحمد، عبد المجيد، هذلول، بدر، فواز، مشهور، عبد الإله، بندر، عبدالله، ممدوح، منصور، ناصر، نواف، طلال، سعد، مقرن، ثامر، هيا ، لؤلؤة، ماجد، مشاري، حمود و عبد المحسن.
و له من الأبناء: محمد، لؤلؤة، تركي، عبد الله، خالد، سعود، هيفاء و سارة.
دخوله الحياة السياسية و العسكرية:
بدأ الملك عبد العزيز في الإعتماد على إبنه فيصل منذ سن مبكرة.
فأرسله و هو في الثالثة عشرة من عمره لبريطانيا و فرنسا في نهاية الحرب العالمية الأولى.
و وقتها قام اللورد كرزون البريطاني بتقديم الحلوى ظنا منه بأنه يتعامل مع طفل و فوجيء بغضب شديد من الأمير الذي قرر المغادرة و الذهاب لفرنسا.
و هنا عرف الإنجليز مع من يتعاملون؟ الأمر الذي اضطرهم لتقديم الإعتذار الرسمي للأمير.
عام ١٩٢٣ حينما توترت الأوضاع في عسير، قاد هو القوات السعودية للسيطرة على التمرد هناك.
و هو من حاصر تمرد حائل لمدة ثلاثة شهور كاملة و هو مازال صبيا.
و كما كان في عسير، كان في الحجاز عام ١٩٢٥.
كما قاد جيشا للقضاء على تمرد القبائل اليمنية و أراد إقتحام صنعاء و لكن رفض والده بعد الصلح قائلا له:
” الحياة علمتني أن تسامح الأخ مع أخيه هو أكبر قيمة من إنتصار المدافع و السيوف”.
و في ١٩٢٦ عينه والده نائبا عاما لجلالة الملك و في ١٩٢٧ عين رئيسا لمجلس الشورى و عين وزيرا للخارجية عام ١٩٣٢ إلى جانب رئاسته للشورى.
و كان من أجرأ ما قام به أثناء توليه للخارجية مطالبته بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ردا على قرار الأمم المتحدة بشأن تقسيم فلسطين.
كما ترأس وفد المملكة لمؤتمر لندن ( مؤتمر المائدة المستديرة ) حول القضية الفلسطينية عام ١٩٣٩.
و مثل السعودية في إجتماعات تأسيس الأمم المتحدة.
الخلاف السعودي اليمني و دوره في إنهاء الأزمة:
كانت الأوضاع قد بدأت في التوتر بين الجانبين السعودي و اليمني في حدود عام ١٩٢٤.
فبعد العداوة بين الإمارة الإدريسية بقيادة الحسن بن علي الإدريسي و المملكة المتوكلية بقيادة الإمام يحيى حميد الدين تم التحالف بينهما.
و نقض عندها الأدارسة عهدهم مع آل سعود بعد تحالفهم مع المتوكلية.
و بدأت الحرب بين الجانبين و قاد فيها الأمير فيصل زمام الأمور .
و ينتهي الأمر بسيطرة السعودية على حدود عسير، نجران و جازان.
و تنتهي الإمارة الإدريسية و يتم توقيع إتفاق الطائف و تراجع الجيش السعودي من حجة و الحديدة.
تولي الملك فيصل الحكم:
مع تعيين الأمير سعود رئيسا للوزراء في أكتوبر ١٩٥٣ تم تعيين الأمير فيصل نائبا لرئيس مجلس الوزراء و وزيرا للخارجية.
وفي نوفمبر ١٩٥٣ تولى الحكم الملك سعود بن عبد العزيز ( الإبن الثاني – الأخ الغير شقيق للملك فيصل ) بعد وفاة والده .
و عين الأمير فيصل وليا للعهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للخارجية.
و في ١٩٥٧ وقعت أزمة مالية شديدة بالمملكة و اضطرت المملكة للإقتراض من دول الغرب و شركة أرامكو.
و عين الأمير فيصل وزيرا للمالية و الداخلية في ١٩٥٩.
و بدأت العلاقات في التوتر مع الملك سعود في ١٩٦٠.
و في ١٩٦١ تم سحب جميع الوزارات من الأمير فيصل و إبقاءه نائبا لرئيس مجلس الوزراء.
و لكن في ١٩٦٢ تم تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء و وزيرا للخارجية.
و كان الملك سعود قد بدأ يعاني من المرض و كثرة السفر للخارج من أجل العلاج.
و جمع الأمير محمد أكبر الأبناء بعد الملك سعود العلماء و الأمراء.
و أجمعوا على الإبقاء على الملك سعود في منصبه و تفويض الأمير فيصل لتسيير أمور البلاد داخليا و خارجيا سواء كان الملك داخل أو خارج البلاد.
و بدأت الخلافات في التزايد بين الملك و الأمير.
و من ثم كان قرار عزل الملك سعود من منصبه بعد الرجوع لأهل الدين و الفتوى و ذلك بعد رفضه التنازل عن الحكم.
ففي ١ نوفمبر ١٩٦٤ اجتمع القضاة و علماء الدين و أعلن المفتي وقتها الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ خلع الملك سعود و مبايعة الملك فيصل.
و تم مبايعة الأمير فيصل ملكا للمملكة العربية السعودية في ٢ نوفمبر ١٩٦٤.
إنجازات الملك فيصل داخليا:
بدأ الملك فيصل بعمل إجراءات إقتصادية تصحيحية من أجل إنعاش الإقتصاد السعودي.
فأعاد صياغة إتفاقية مناصفة الأرباح مع شركة أرامكو بشكل يعود بالنفع على المملكة.
و رفض منح إمتيازات إستثمارات البترول إلا لمؤسسات وطنية.
العمل على تطوير عمليات البحث عن المياه الجوفية و تحلية المياه المالحة و أنشأ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة.
و بناء السدود لحجز الأمطار كما حدث في أبها و الرياض. و بناء سد وادي جازان.
تطوير شبكة الصرف و الري كما حدث في الإحساء.
تطوير زراعة التمور و إعادة تصنيعها لتشكل جزءا هاما من إقتصاد المملكة.
القيام بإنشاء و تطوير شبكات الطرق و الربط بين المملكة و سوريا، الأردن، العراق و الكويت.
إنشاء معهد تدريب للطيران المدني بجدة و التزود بالطائرات النفاثة.
توسيع ميناء جدة و إنشاء موانيء جديدة في ينبع و جازان.
تأسيس مستشفى فيصل التخصصي بالرياض عام ١٩٧٥. و إستقدام أكفأ الأطباء من الخارج لتدريب الأطباء السعوديين.
أنشأ أول هيئة عليا للتعليم و زاد من البنية التحتية الخاصة بالتعليم.
أنشأ جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض عام ١٩٧٤.
كما إنحاز الملك فيصل للمرأة و حقوقها و إهتم بتعليم الإناث.
و أنشأ بنك التسليف الزراعي.
و مشروع مصفاة البترول في الرياض و توسيع مصفاة جدة.
إنشاء المؤسسة العامة للبترول و المعادن ” بترومين “.
عمل على إستقلال القضاء و أنشأ مجلسا أعلى للقضاء و وزارة العدل و مجلسا أعلى للإفتاء.
العمل على إلغاء الرق نهائيا بالمملكة.
و أسس إدارة خاصة لرعاية الشباب و وزارة العمل و الشئون الإجتماعية.
في خدمة الإسلام:
أنشأ سفارة سعودية متجولة لزيارة الدول الإفريقية و الدعوة للإسلام و كان من صداها أن أعلن رئيس الجابون إسلامه و غير إسمه من جوزيف إلى عمر.
العمل على تأسيس رابطة العالم الإسلامي.
و أعلن من مكة عام ١٩٦٤ الدعوة إلى التضامن الإسلامي بمباركة من هيئة الإفتاء السعودية.
و تم عقد أول مؤتمر قمة إسلامي إثر حريق المسجد الأقصى عام ١٩٦٩ بالرباط.
و كان أول مؤتمر لوزراء خارجية الدول الإسلامية بجدة ١٩٧٠.
و من هنا تم تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي.
أما عن السياسة الخارجية في عهد الملك فيصل:
كونه عربيا غيورا على إسلامه و عروبته جعل واحدا من مبادئه الراسخة ” عدم الإعتراف بإسرائيل”.
و خطب في عام ١٩٦٣ في الأمم المتحدة كان مما جاء فيها:
” ما بدد السلام في المنطقة العربية هو القضية الفلسطينية و ظهور إسرائيل “.
كما قام الملك فيصل بعد حرب ١٩٦٧ بدعم مصر بكل ما أوتي من قوة حتى تسترد مصر عافيتها سريعا.
و لا تنسى مصر أبدا ما فعله الملك فيصل أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣.
حينما قطع الإمدادات البترولية عن أمريكا و الغرب و كل من دعم إسرائيل.
و حينها قال مقولته المشهورة:
” عشنا و عاش أجدادنا على التمر و اللبن و سنعود لهما”.
و كذلك خطابه لرئيس شركة التابلاين الأمريكية:
” أي نقطة بترول ستذهب لإسرائيل ستجعلني أقطع البترول عنكم”.
و كان مما فعله خارجيا أيضا إعادة العلاقات مع المملكة المتحدة في إحدى زياراته لها.
كما كان قد لبى دعوة الرئيس الأمريكي لزيارة بلاده مما يؤكد إلمامهم بقدر و أهمية ذلك الرجل و مدى تأثيره.
القضية اليمنية:
بدأت القصة بأن إنشق المشير عبد الله السلال على الإمام محمد البدر حميد الدين (المملكة المتوكلية) و إعلانه قيام الجمهورية العربية اليمنية.
و هرب الإمام وقتها للسعودية. و إنحازت المملكة للإمام.
بينما إنحازت مصر للمشير السلال. و بالطبع كان لكلا الطرفين مبرراته التي تعلل لمن إنحاز هو.
و إنتهى هذا الخلاف بقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
و خلال هذه الفترة توالت اللقاءات بين الأشقاء في مصر و السعودية لإذابة الجليد.
و تقابل الطرفين في مؤتمر القمة العربية بالإسكندرية ١٩٦٤.
و تقابلا ثانية في أركويت ١٩٦٤ بالسودان و فيه تم الإتفاق على وقف إطلاق النار.
و في ١٩٦٥ ذهب الرئيس عبد الناصر إلى جدة للحج و رحب به الملك فيصل ترحيبا شديدا.
و إتفقا على عمل إستفتاء لتحديد مستقبل اليمن.
و بعد حرب ١٩٦٧ إنسحبت القوات المصرية من اليمن.
و بعدها أعلن الملك فيصل مساندته الكاملة لمصر و تناسى كلا الطرفين خلافهما و دعمت المملكة مصر بشكل كبير.
و أتى هذا الدعم و توحد الصفوف العربية بثماره وظهر جليا هذا التوحد بإنتصار السادس من أكتوبر ١٩٧٣.
إغتيال الملك فيصل:
كان إغتيال الملك فيصل بمثابة صدمة للجميع فبذلك يخسر العالم الإسلامي و العربي أحد أهم و أقوى ركائزه.
و تم الإغتيال على يد إبن أخيه فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود.
كان ذلك بإطلاق النار عليه أثناء إستقباله لوزير النفط الكويتي بمكتبه بالديوان الملكي.
و أطلق عليه ثلاث رصاصات لتصيب إحداهما وجهه و الأخرى في رأسه و الثالثة كانت طائشة.
و كان قد سبق لمنفذ الإغتيال تعاطي المخدرات و ألقي القبض عليه في قضية إتجار بحبوب الهلوسة (LSD).
و إختلفت التفسيرات للإغتيال فمنهم من قال أنه كان بإيعاذا من الولايات المتحدة الأمريكية.
و خاصة و هو كان دارسا هناك و تأثر بأفكارهم و يعيش حياة غربية الطبع.
إلى جانب كونه لديه صديقة أمريكية الجنسية هي كريستين سورما.
و قيل أن هذا كان رد فعل لما قام به الملك فيصل أثناء حرب أكتوبر.
و منهم من ذهب أن هذا كان بسبب تأثره بدرجة النسب مع آل رشيد الذين كان يجمعهم التنافس مع آل سعود منذ أمد بعيد.
و قيل أيضا أن هذا كان بسبب عزل الملك سعود و إيعاذ من أسرته.
كما فسره البعض أنه كان إنتقاما لأخيه خالد الذي تم إغتياله من قبل قوات الأمن السعودية.
و كان أخوه قد قاد بعض المظاهرات و الإضرابات من قبل و حاول إقتحام التليفزيون السعودي.
وأتهم بالخلل العقلي و تم إعدام فيصل بن مساعد بالسيف عام ١٩٧٥.
من أقوال الملك فيصل:
” ليست القومية العربية مذهبا و ليست عقيدة إنما هي حس و دم و لغة “.
” الوحدة العربية هي غاية كل عربي و الهدف الأسمى لجميع الشعوب العربية لذلك يجب أن تبقى فوق أهواء الأشخاص و فوق الشعارات و الأحزاب”.
حينما سأله مذيع ال بي بي سي البريطانية عن أي شيء يرغب به وقتها في الشرق الأوسط كان رده زوال إسرائيل.
و بعد حرب ١٩٦٧ أثناء عقد أحد المؤتمرات الداعمة لمصر هم أحد وفود الدول النفطية الداعمة لمصر بالتصريح بكلمة معونات.
فإعترض الملك فيصل على ذلك و رد قائلا بل هي إلتزامات.
رحم الله الملك فيصل رحمة واسعة فلقد كان خير داعما للإسلام و العروبة على طول الطريق.
” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ “. البقرة ١٢٦
اللهم آمين يارب العالمين.
اترك تعليقاً