راسبوتين .. القديس الفاسق .. الراهب الشيطان
و لدخول راسبوتين قصر نيقولا الثانى أخر قياصرة روسيا الفعلين قصص عديدة و لعل أصدقها و أغربها تلك القصة فقد كانت زوجة نيقولا الثانى و أم و لى عهده من السلالة الحاكمة و كان أفراد تلك السلالة يعانون من مرض وراثى قاتل هو سيلان الدم و قد أصيب به ولى العهد و كان هذا يعنى أنه سوف يظل ينزف حتى الموت و هنا ظهر راسبوتين بإعتباره قديس سوف يعالج الطفل و بالفعل تم علاج الطفل على يد راسبوتين و من هذه اللحظة توطدت أقدام راسبوتين فى القصر ليصبح من أكثر الشخصيات تأثير على قيصر روسيا فى معظم قرارته حتى أن القيصر قام بعزل إبن عمه من قيادة الجيش لإهانته راسبوتين و عندما قام المجمع الكنسى بروسيا بإصدار بيان بتكفير راسبوتين فقام القيصر بعزل رئيس المجمع و أصدر قرار بتعين راسبوتين رئيسا له و أعطى له مطلق الصلاحيات فى التصرف و لم يتوقف تأثير راسبوتين على القيصر فقط بل إمتد هذا التأثير ليشمل زوجة القيصر و قامت علاقة بينها و بين راسبوتين أغلب الظن أنها لم تكن بريئة..
و لكن دائرة صنع القرار الروسية لم تكن راضية عن راسبوتين بالمرة فقد أصبح القيصر و زوجته إلى جواره شخصيات هلامية و
كعادة رجال السياسة فى هذه الأحيان كان الأسلوب الأمثل فى هذا الحال هو الإغتيال فجرت عدة محاولات و لكنها إنتهت بالفشل حتى جائت أخر محاولة و التى تعتبر ناجحة نوعا ما كما سوف أوضح و من ناحيته كان راسبوتين يشعر بما يدبر له و يشعر بقرب نهايته و رسالته للقيصر تؤكد ذلك و هاكم جزء منها:(أكتب رسالتى هذه لأتركها برهان لى فى مدينة القديس سان بطرسبرج و أنى لأشعر أنى مفارق الحياة قبل أول يناير-كتبت راسبوتين
هذه الرسالة فى أواخر ديسمبر 1916- و أتمنى أن يدرك الشعب الروسى ما يجب أن يدركوه فإذا ما قتلنى إخوانى من فلاحى روسيا فلا خوف عليك أيها القيصر و سيبقى عرشك حاكما و يا أيها القيصر لا تخشى على أطفالك شيئا فإن لهم حكم روسيا لمئات السنين أما لو قتلنى أفراد العائلة المالكة و النبلاء فسوف تظل أياديهم ملطخة بدمى و لن يبقى لعائلتك و النبلاء فى روسيا و لن يبقى أحد من ذريتك خلال سنتين بعض موتى)
هذا جزء من رسالة راسبوتين للقيصر و هناك رسالة أخرى أرسلها لزوجة القيصر (سأموت موتا شنيعا بعد عذاب شديد و بعد موتى لن يكون لجسدى راحة و ستجردين من الملكية على روسيا و أنت و إبنك سوف تغتالان و سوف تقع روسيا بين يدى الشيطان) و بالفعل هذا ما حدث و يقع الفرد هنا فى حيرة كيف لراسبوتين أن يعرف ما سيحدث بعد موته و الإجابة هنا تكمن فى شئ..
الأولى راسبوتين كان قارئ جيدا للواقع السياسى الروسى أنذاك فكان من السهل التنبوء بالنهاية..
و على كل حال فى ليلة التاسعة و العشرين من ديسمبر عام 1916 قام الأمير فيليكس يوسيوف زوج إبنة شقيق القيصر بدعوة راسبوتين للعشاء بحجة وهمية لأن الأميرة إيرينا الفاتنة الروسية تريد أن تختلى به لتسر إليه بسر لا يجب أن يعرف سواه و وافق راسبوتين لضعفه الشديد أمام النساء و ذهب راسبوتين للعشاء و كان هذا العشاء هو العشاء الأخير فى حياته فقد قام فيلكس بتقديم خمر و كعك مسمومين إلا أن راسبوتين أخذ يأكل دون أن يتأثر بل و يطالب بالمزيد فبلغ الخوف من فيلكس مبلغه فأخرج مسدسه و أطلق النار على راسبوتين ليسقط أرضا و ينحنى فيلكس ليتأكد من موت راسبوتين فيجد أنه على قيد الحياة و يحاول راسبوتين خنق فيلكس إلا ان فيلكس يقوم بمناداة رفاقه الإثنين المختبئن بعد أن تخلص من يدى راسبوتين و يظهر الإثنان ليجدا راسبوتين تسلل تجاه الجديقة و يحاول الهروب..
فيقوم أحدهم بضربه بقطعة حديدة على رأسه فيسقط راسبوتين أرضا فاقد للوعى و إن ظنو هم أنه فقط حياته و قاموا بربطه بالسلاسل و قام بتغطيته و إلقاء جثته فى نهر نيفا و هو مقيد بالسلاسل إلا أنه مازال على قيد الحياة و فى الأول من يناير1917تم العثور على جثة راسبوتين و لكنه كان قد نجح فى فك قيوده الحديدية و يوضح تقرير الطبيب الشرعى أن وفاة راسبوتين كانت بسبب وجود مياه على الرئتين أى أنه مات غرقا و يسدل الستار على شخصية من أغرب شخصيات القرن العشرين.
اترك تعليقاً