متلازمة فلورنسا – متلازمة القدس…. – من باريس مع حبي… و من القدس أيضا (الطريق من المعبد إلى المصحة النفسية)

متلازمة فلورنسا – متلازمة القدس….

هل زرت باريس من قبل  ؟

هل وجدت تشابها ما بين روايات الكسندر دوما– الاب و الابن – و فيكتور هوجو واللوحات الفنية و القطع الأثرية الممثلة لجميع حضارات البشرية فى متحف اللوفر و بين الواقع الذى رصدته حال وصولك الى مطار شارل ديجول ؟

متلازمة باريس :

حسنا .. من ضمن ملايين السائحين الذين يصلون باريس سنويا من مختلف جنسيات العالم نجد اليابانيين متفردين فى ظاهرة نفسية خطيرة – يشاركهم الصينيون طبقا لتقارير طبية حديثة –.

الظاهرة تدعى متلازمة باريس و متلازمة – أو زملة فى بعض الترجمات –.

تعنى تلازم ظهور أعراض بعينها ترافق حدوث المرض ..

أما الحدث فهو زيارة باريس أما اعراض المتلازمة فهى حالة نفسية تنتاب الزائر لعاصمة النور عبارة عن :



انهيار نفسي و مشاعر قلق زائدة و شعور باضطرابات فى الادراك و تتطور الحالة فى بعض الاحيان الى هلاوس سمعية و احيانا بصرية و هذيان و افكارا ضلالية بالاضطهاد و نحو ذلك .



مابين ستة ملايين زائر من اليابان و سبعة ملايين من الصين الى باريس سنويا نجد العشرات من الحالات المسجلة لهذا الاضطراب النفسي الغريب.

و مرجع هذا الاضطراب الى صدمة ثقافية ما بين المتخيل و الواقع.

إذ أن المتخيل هو باريس المثالية الكلاسيكية عاصمة النور و الجمال و اللوحات الفنية و الازياء العالمية بينما يصطدم بالواقع حيث الصخب و الزحام الشديد و الاصوات العالية و احيانا عدم نظافة الشوارع !

– طبقا لبعض الروايات –  تتحسن الحالات تدريجيا عند الخروج من باريس.

اقرأ أيضا  استكشاف الجنَّة .. رحلة عبر الوعى البشرى

و يحتاج بعضها الى الحجز فى مصحات نفسية.

أما الصدمات الثقافية فلا تنتهى عند باريس عاصمة النور و الجمال و لكنها تمتد الى بعض العواصم الأخرى.

فربما تحدث طبقا للحالات المسجلة فى العاصمة الاسبانية مدريد الا ان الحالة تظل منطوية تحت مسمي متلازمة باريس.

حيث تم اكتشافها  لكن الاعراض النفسية أو الاضطرابات النفسية المرتبطة بالصدمات الثقافية و الحضارية لا ترتبط بمكان محدد أو بعاصمة دون غيرها.

متلازمة فلورنسا :

فنجد لدينا فى مقابل متلازمة باريس متلازمة أخرى تدعى متلازمة ستاندال.

و هى أِكثر غرابة من سابقتها اذا يواجه المرء اعراضها عند التعرض لجرعة ثقافية كبيرة ! بمشاهدة لوحات فائقة الجمال أو قطع أثرية جميلة فى أحد المتاحف أو حتى بمشاهدة منظر طبيعى خلاب !

و فى هذه المتلازمة العجيبة يتعرض الشخص لنوبات شديدة من القلق النفسي مع اعراض جسدية مثل :

خفقان شديد فى القلب أو ضيق فى التنفس تعرق شديد و تصل أحيانا الى نوبات هلع تؤدى به الى فقدان الوعى.

و احيانا يصاب بهلاوس سمعية أوبصرية و هذيان مع بعض الاضطربات الانشقاقية – التحولية – و افكار ضلالية شديدة و تغير فى مستوى الوعى !

و المتلازمة النفسية هذه تنسب الى الكاتب الشهير ستاندال.

و الذى روي تجربته بعد زيارته لفلورنسا بايطاليا– لذلك تعرف المتلزمة أحيانا بمتلازمة فلورنسا – فى القرن التاسع عشر تحديدا فى العام 1817.

و كان حينها فى الرابعة و الثلاثين من عمره.

و يمكن السيطرة ذاتيا على الاضطراب بدون الدخول فى اضطراب عقلى شديد.

و لكن يلزم بعض العلاج النفسي التدعيمي لتخطى الازمة الناشئة عن الجرعة الثقافية الزائدة  !

و الجرعات الثقافية الزائدة ليست وحدها هى المسئولة عن الاضطرابات النفسية.

اقرأ أيضا  استكشاف الجنَّة .. رحلة عبر الوعى البشرى

و لكن نجد أيضا حالات غريبة من الاصابة بالاضطرابات النفسية أو العقلية فى بعض الاحيان نتيجة جرعة روحانية / دينية زائدة أو لنقل صدمة دينية !

متلازمة القدس :

يحدث ذلك فيما يسمس بمتلازمة القدس و تصيب هذه المتلازمة المرضية زوار المدينة العتيقة من جميع الاديان.



فنجد سنويا حوالى 100 إصابة جديدة.

و  تمتلىء مصحات القدس بمرضي متلازمة القدس و فى هذه المتلازمة يصاب المرء بهلاوس و ضلالات دينية.

فنجد مدعى النبوة و المخلصين و الكهنة  يدورون فى شوارع القدس لتخليص العالم من الشرور.

و من اللطيف أن أهالى المدينة المقدسة اعتادوا على مثل تلك الامور حتى أنه بات من غير الملفت أن تجد اشخاصا مدعين للالوهية أو مسوحا أو شياطين أو كهنة على سبيل الادعاء بالطبع.

و أذكر هنا حادث مؤسف هو حريق المسجد الأقصي كان على يد سائح استرالى اصابته ضلالات دينية.

و اتجه لاشعال النار فى المسجد و هو سلوك فصامي شهير و يقول البعض ان هذا المريض اصيب بمتلازمة القدس.

و يؤكد البعض الاخر ان هذا الفعل المشين هو من تدبير قوات الاحتلال.

و هو الامر الذى لا ينفى الجرائم المتواصلة لقوات الاحتلال حتى لو تم استبعاده لصالح التشخيص القائل بمتلازمة القدس .

القدس لا تنفرد بتلك الظاهرة :

و لا تنفرد القدس وحدها بتلك الظاهرة  – و  ان كانت تعد الاشهر فسميت الظاهرة باسمها – فنجد الظاهرة تشمل جميع الاماكن المقدسة عند كل الاديان.

الا ان الظاهرة غير خاضعة لارقام بحثية فى اماكن اخرى و لكن نجد بعض الحالات من  الضلالات الدينية.

كادعاء احدهم كونه المهدى المنتظر.

و أذكر هنا حادث مؤسف جرى فى المدينتين المقدستين للمسلمين  فى بداية القرن الخامس عشر الهجرى.

اقرأ أيضا  استكشاف الجنَّة .. رحلة عبر الوعى البشرى

و هو ادعاء احدهم بأنه المهدى المنتظر و أنه جاء ليخلص العالم من الشرور و محاولته السيطرة على الحرك المكي و النبوى حتى استطاعت الجهات المختصة السيطرة على الموقف .

و متلازمة القدس تستلزم الحجز فى المصحة النفسية لعدة اسابيع و تعامل علاجيا معاملة مرض الفصام.

و يجب التفرقة بينها و بين مرض الفصام بأنواعة المختلفة.

و ايضا بين النوبات الذهانية الحادة التى تصيب البعض و ان اشتركت معهم فى وجود تاريخ مرضي و اعراض ذهانية تسبق الاصابة بالمتلازمة و أيضا من قبل التواجد فى الاماكن المقدسة .

قليل الماء يجدب الارض و كثيره يغرقها:

و الجرعات الزائة من الفن او الجمال أو الثقافة أو حتى الروحانيات و الدين قد لا يتحملها بعض الاشخاص.

فيصابوا بلوثة ما و يختل النظام العقلى و تضطرب إفرازات المواد المنظمة للافكار و المشاعر.



و بالتالى السلوك كالدوبامين و السيروتونين و الادرينالين فنجد أمامنا مرضي من نوع خاص و مختلف.

فنجد اضطراب الافكار ممثلا فى أفكار اضطهادية و ضلالات إلى اخره.

و أيضا اضطراب الادراك يدفع بنا الى الهلاوس السمعية منها و البصرية و اعراض الاكتئاب و القلق كنموذج لاضطراب المشاعر.

و الذى يؤدى بنا الى تصرفات أو سلوك مضطرب كالأمثلة سالفة الذكر  .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *