الحاجب المنصور..محمد بن أبي عامر..الدولة العامرية حلقة جديدة من تاريخ الأندلس أقوى عصور الأندلس قاطبة تعرف عليها



فى المقال السابق تكلمنا على الخلافة الأموية فى الأندلس وكيف حدثت مؤامرة الصقالبة والتى انتهت بفشلها وظهور شخص جديد وهو الحاجب المنصور  محمد بن أبي عامر الذى أصبح هو الحاكم الفعلى تحت مسمى الخلافة الأموية لكن من هو وكيف كان حكمه.

من هو الحاجب المنصور؟

هو محمد بن عبدالله بن عامر بن أبي عامر بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وجده أحد الفاتحين الذين دخلوا الأندلس مع طارق بن زياد.

وكان والده من أهل الزهد وتوفي فى مدينة طرابلس وهو عائد من الحج.

نشأ الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر نشأة حسنة وسلك سبيل القضاء، وتعلم الحديث والأدب ثم سافر إلى قرطبة ليكمل تعليمه.

وكان ذا طموح كبير وعمل كاتبا للقاضي محمد بن إسحاق مما جعله يوصى به عند الحاجب جعفر بن عثمان.

وقد رشحه الحاجب جعفر لوكالة عبد الرحمن بن الخليفة الحكم المستنصر سنة 356هجرى.

وقد أعجب الحكم بأخلاق محمد بن أبي عامر لكن عبد الرحمن توفى صغيرا ورزق الحكم بولد ثانى وهو هشام فتولى محمد بن أبي عامر وكالته.

وتدرج فى المناصب فقد عين امينا لدار السكة ثم للخزانة العامة ثم المواريث ثم قاضيا لاشبيلية ثم عين مدير للشرطة

ثم عين قاضى قضاة فى بلاد الشمال، وقد أثبت جدرانه وبراعته فى كل المناصب.



كيف اصبح الحاجب المنصور الحاكم الفعلى؟

بعد وفاة الحكم خليفة المسلمين والقضاء على مؤامرة الصقالبة أصبح الخليفة هشام بن الحكم

وكان صغيرا لكن الحكم كان فى يد الحاجب جعفر مع أم الخليفة صبح البشكنسية ومحمد بن ابى عامر.

بالإضافة إلى شخصية رابعة قوية وهى فارس الأندلس غالب الناصري.

وتذكر بعض المصادر التاريخية أن حبا ما بين صبح ومحمد بن أبي عامر .

وقع فى الأندلس حادث خطير لما علم نصارى الشمال بوفاة الحكم نقضوا العهود وشرعوا فى مهاجمة المسلمين حتى كادت حملتهم تصل إلى قرطبة العاصمة.

فى وجود خليفة صغير ضعيف والحاجب جعفر مرتعش ليس له عزيمة ولا يدرى ما يفعل.

اقرأ أيضا  دليل السياحة في الأندلس .. أجمل الأماكن السياحية في الأندلس 

وغالب الناصري فى مدينة سالم وهى إحدى الثغور لا يستطيع أن يتركها.

هنا نهض الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر وعرض على الحاجب جعفر أن يقوم بتجهيز جيش يقوم هو بنفسه بقيادته .

استعد الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر أفضل استعداد وسار فى شهر رجب عام 366 هجرى

واستطاع أن يحقق انتصار وهرب جيش النصارى، وعاد محمل بالسبي والغنائم هنا برز نجمه .

تولى محمد بن أبي عامر الحجابة

وكان يعلم ما فى نفس غالب من كراهية للحاجب جعفر فدافع عنه عند الخليفة وأمه

وأصبح هو ومحمد بن أبي عامر مسئولين عن جيشين هو مسئول عن جيش الثغر وبن عامر عن جيش الحضرة المكلف بالدفاع عن قرطبة.

وفى  عام 366 هجرى فى عيد الفطر اجتماع الجيشين إلى قشتالة وفتحوا حصن مولة وغنموا مغانم كثيرة .

فتوطدت العلاقة ما بين غالب وبن عامر ورأى أن محمد بن أبي عامر أحق بالحجابة من جعفر

وما أن وصل محمد بن أبي عامر إلى قرطبة حتى أمر الخليفة بعزل جعفر عن مدينة قرطبة وتولى هو حكم العاصمة وأظهر كفاءة فى الحكم

لما رأى الحاجب جعفر زيادة نفوذ بن عامر خاطب غالب محاولا استمالته فلما علم ابن أبي عامر أرسل الى غالب يطلب الزواج من ابنته

وبالفعل تم عقد القران فى شهر محرم عام 367 هجرى ولم يعد لجعفر من الحجابة سوى اسمها.

بعد عقد قرانه خرج إلى طليطلة واجتمع مع صهره وفتحوا كثير من الحصون منها حصن الزئبق وعادوا إلى قرطبة محملين بالغنائم

فقلده الخليفة الحجابة وتم عزل الحاجب جعفر وتم عزل كل أقاربه والقبض عليه ومات فى السجن.

الدولة العامرية 366 إلى 399 هجرى

استقر الأمر لمحمد بن أبي عامر وأصبح هو الحاكم الفعلى لبلاد الأندلس وتعتبر الدولة العامرية هى ذروة تاريخ الأندلس وأقوى الفترات على الإطلاق

استمرت 33 سنة ولقب بالحاجب المنصور.

محطات فى الدولة العامرية بقيادة الحاجب المنصور

انشاء مدينة الزاهرة قام الحاجب المنصور مدينة شرق قرطبة سماها الزاهرة أو العامرية عام 368 هجرى.

نقل اليها الوزارت ودواوين الحكم وأنشأ قصرا كبيرا وكان هدفه الابتعاد عن مناطق الخطر والمؤمرات من قبل الأمويين وترسيخ وتثبيت حكمه.

اقرأ أيضا  المسكنات ومضادات الالتهاب (مسكنات آلام الأسنان و العظام) انواعها، واستخداماتها

ظهور جعفر بن حمدون استدعى الحاجب المنصور فارس المغرب وزعيمها جعفر بن حمدون وكانت بينهما علاقة صداقة قديمة.

وكان سبب في انقلاب غالب الناصرى عليه .

تمرد غالب الناصرى

خرج الحاجب المنصور إلى غزوة من غزواته فدعاه غالب إلى وليمة أقامها بمدينة أنتيسة ولما ذهب إليه جرى بينهما نقاش واحتد النقاش.

واستل غالب سيفه لضرب عنق الحاجب لكنه انحرف واصاب رأسه وهرب من القلعة وعاد إلى قرطبة.

وجهز جيشا لملاقاة غالب الذى استعان بملك ليون سبحان الله مقلب القلوب وطلب منه النجدة ضد جيش الحاجب المنصور.

التقى الجيشين وكان مع الحاجب المنصور فارس المغرب جعفر بن حمدون وكانت الغلبة فى البداية لغالب.

ثم رفع صوته قائلا اللهم إن كنت أصلح للمسلمين من ابن أبي عامر فانصرنى وإن كان هو الأصلح فانصره.

ثم حدث أمر عجيب مضى بأغلب فرسه إلى خارج الجيشين فظن الناس أنه يريد الخلاء وطال غيابه فذهب جنوده ووجدوه ميتا سبحان الله.

وحدث موقف آخر انحاز جيش غالب إلى جيش الحاجب المنصور ضد ملك ليون وأوقع هزيمة شديدة وقصد مدينة سمورة التابعة لمملكة ليون.

وحاصروها واستولى عليها وزحفوا إلى مدينة ليون ولولا نزول الشتاء والثلج لفتحها فعاد بالجيش إلى قرطبة.

غزوات الحاجب المنصور

أعظم الغزوات غزوة شانت ياقب أو القديس يعقوب.

وكانت هذه المدينة فى أقصى الشمال ولم يصل إليها أحد من المسلمين من قبل.

بالإضافة كونها مدينة مقدسة عند النصارى كانوا يأتون من كل بقاع الأرض لزيارة قبر القديس يعقوب.

وهو أحد حواري سيدنا عيسى بن مريم وكان أقربه إليه.

وكان كلما هاجم الحاجب المنصور عواصم ملوك النصارى فروا اليها.

فى 378 قاد الحاجب المنصور جيشا كبيرا بالإضافة إلى أسطول عظيم متجه إلى هذه المدينة بعد فتح كل الحصون التى فى طريقه حتى وصل إليها.

لم يجد إلا راهب بجوار قبر القديس يعقوب فسأله عن سبب بقائه فقال اؤانس يعقوب فأمر بتركه وأمر بتخريب كل قلاع وحصون المدينة .

لقطات من حياة الحاجب المنصور الجهادية

أنه سير جيش كامل لإنقاذ ثلاث نساء من نساء المسلمين كن أسيرا لدى مملكة نافار .

اقرأ أيضا  متى يظهر مفعول الفيفادول؟ دواعي استعمال فيفادول.. جرعة فيفادول

أثناء جهاده قد نصب له النصارى كمين وحاصروه هو وجيشه فى مضيق بين جبلين ووجد طريق العودة مغلق اتجه إلى الشمال.

واحتل مدينة من مدن النصارى وأخرج أهلها وأعطى ديارها للجنود وعاش فيها فترة وكان يقوم بهجمات على ممالك النصارى حتى ضج النصارى.

وعرضوا على الحاجب المنصور أن يفتحوا له طريق العودة لكنه رفض ولم يقبل إلا بعد أن قدموا له الغنائم التى رجع بها إلى قرطبة .

ومن أهم ميزات عصره عدم قيام ثورات ضده.

وفاة الحاجب المنصور

توفى الحاجب المنصور فى أوج قوته عام 392 وتولى ابنه الحجابة وبقى بها سبع سنين حتى مات عام 399 هجرى.

ولقب بالحاجب المظفر وكان على نهج أبيه فى الجهاد.

لما توفى الحاجب المظفر تولى من بعده أخوه عبد الرحمن ولم يكن مثل أبيه أو أخوه.

فكان شابا ماجنا فاسق شارب للخمر فكرهه الناس فى الأندلس.

ولما ضاق بالناس ذهبوا إلى هشام بن الحكم وخلعوه.

وعينوا رجل من بنى امية محمد بن هشام من أحفاد عبد الرحمن الناصر ولقب بالمهدى.

لما علم عبدالرحمن انتفض من حوله الجموع ولما دخل إلى قرطبة قبض عليه وقطع رأسه.

واشتعلت الثورات فى الأندلس وأنفرط عقد الأندلس وبدأت البلاد فى الانقسام .

ظهر سليمان بن الحكم وجمع البربر وحاول قتال المهدى لكنه وجد نفسه ضعيفا فاستعان بملك قشتالة.

ودرات موقعة انتهت بهزيمة المهدى، وتولى سليمان بن الحكم حكم الأندلس .

بعد عام من توليه الحكم انقلب البربر بقيادة على بن حمود على سليمان بن الحكم وانتصر على بن حمود.

وقتل سليمان وتولى على بن حمود الحكم.

وتستمر الصراعات من جانب على بن حمود من ناحية ومن تبقى من العامريين من ناحية أخرى.

وفى ظل ذلك اجتمع علية القوم والعلماء ووجدوا أن بنى امية لم تعد تصلح لإدارة الأمور وكان زعيم هذا الأمر القاضى أبا الحزم جهور.

لكن الواقع أن هذا المجلس مجلس الشورى لم يعد يسيطر إلا على قرطبة.

أما باقى الأندلس انقسمت إلى دويلات عرفت فيما بعد ملوك الطوائف.

وهذا ما سوف نتحدث عنه فى المقال القادم.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *