المدينة الفاضلة و الأستاذ المحترم !

لا أعلم كيف أصبحت هذا الشخص ؟ ليس أنا وحدى , بل كل من أعرفهم .. كنا قديما نمشى كمجموعة من الأبطال الخارقين , نبحث عن خطأ نصلحه , مشكله نحلها , مشاجرة نقف مع المظلوم فيها , نحاول أن نجعل العالم مكان أفضل لنا و للأخرين.



كيف أصبحنا بهذه السلبية , كيف أصبحنا نحن من كنا ننتقدهم بشدة , هل أصبحنا جبناء أم غير مباليين , هل أثرنا سلامنا النفسى و راحة العقل و البال عن المشاكل و المشاحنات ؟ هل أصبح لدينا ما نخشى عليه لدرجة أننا نخاف على أنفسنا أكثر من رغبتنا الطفولية و فطرتنا فى جعل العالم مكان أفضل , أم إننا اصبحنا منهكى القوى فى عالم من الروتين و أدركنا اننا مجرد مسمار صغير فى آلة و لا نستطيع تغيير شىء.

هل نحن أصلا مرتاحين البال حالياً , هل ما نقرأه كل يوم من حوادث قتل , تحرش , خطف , مشاجرات , سرقات , و ما نراه يوميا فى الشارع من الأشياء التى يجب أن نتوقف عندها , و تم تربيتنا على إننا يجب أن نقول ” عيب ” لمن يفعلها ,  و  تجاهلنا لكل هذا يجعلنا مرتاحيين البال أم سلبيين و قلقيين أكثر فى الوقت نفسه ؟

لا وجود للمدينه الفاضلة , هذا أمر مفروغ منه , و لا جدال فيه , و لكن وجود عدد كبير من الرجال الأخيار و تجمعهم على فضيلة واحدة قادر على تغيير العالم إن أرادوا , و لكن أين هم الأصدقاء الذين كنا قادريين على تغيير العالم معهم , كل منهم فى مكان , مشغول بعمل و بيت , هل أستطيع وحدى أن أفعل ما هو ضرورى للتغيير ؟

نعم , أنا قادر , و لن أعيش بهذه السلبية , أنا قادر على التغيير , تغيير حياتى و البيئة المحيطة بى , بل قادر على تغيير العالم , و سأبدأ من الآن .

سأتوقف بسيارتى الآن و أمنع هذا الشاب ذو الهيئة الغريبة و أصدقائه  من التحرش بهذه الفتاة , نعم أنا قادر على ذلك و من المؤكد أن الجميع سيتحرك عندما أبدأ أنا بالتحرك الأول , سأكون أنا اجنحة الفراشة التى تصنع العاصفة.

” عيب يا أستاذ اللى بتعمله ده , انتوا رجالة و اللى مترضاهوش لأختك متعملوش للناس ” كانت هذه الجملة الوحيدة التى قلتها , ليتم مقابلتى بوابل من الألفاظ النابية , أبدأ بالرد و أنظر إلى المتابعيين , من المؤكد إنهم سيتحركون الآن , يرتفع صوت ضربه على وجهى , أنظر إليهم مره أخرى هل ستتحركون ؟ و إن كنتم ستتحركون ماذا تنتظرون ؟ , لم يتحرك أحد سوى رجل عجوز جرنى نحو سيارتى , و قال لى ” انت شكلك أستاذ محترم مالك انت و مال اللى بيعاكس و لا اللى بينيل ” , حاولت أن أشرح له إننى يجب أن أفعل ذلك لإننى ” أستاذ محترم ” , و يجب أن يفعل كل ” أستاذ محترم ” هذا , و لكن خانتنى الكلمات , و لم أستطع التعبير . قأثرت الصمت.

قدت سياراتى متجهاً إلى بيتى و انا أدرك الآن أن سلبيتى الأخلاقية هو سبيلى الوحيد لمواصلة الحياة فى هذا العالم , و أنا راض و مكتفى تماما بمحاولاتى اليومية لحماية أهل بيتى و أصدقائى المقربين من هذا العالم , فهذا العالم لم يعد يمكن أن نغيره , اقصى امانينا فيه أن ننجو من شروره فى حياتنا اليومية.

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *