طارق بن زياد فاتح الأندلس، كيف تم الفتح؟ وهل حقا أمر طارق بحرق السفن؟
فى المقال السابق تكلمنا على مقدمات فتح الأندلس، وانتهى المطاف بتجهيز جيش بقيادة القائد طارق بن زياد متجها إلى الأندلس.
أرض جديدة تحتوى على كثير من الأهوال، ورحلة تحتاج إلى تفصيل ماذا حدث فيها وهل حقا طارق أمر بحرق السفن؟
دعونا نتعرف كيف تم الفتح على يد طارق بن زياد..؟
جبل طارققام موسى بن النصير بتجهيز جيش قوامه سبعة آلاف جندى اغلبهم من البربر بقيادة طارق بن زياد .
وتم تجهيز السفن اللازمة للعبور وكانت نقطة تجمع الجيش عند جبل عرف فيما بعد جبل طارق وبدأت عملية العبور فى كتمان وسرية.
عبر الجيش إلى أن وصل إلى منطقة يقال لها المنطقة الخضراء تقع جنوب اسبانيا.
وهناك قابل الجيش الجنوبى للأندلس، وهو حامية القوط فى المنطقة الخضراء، وقد عرض عليه طارق بن زياد الجزية أو الإسلام لكنه رفض.
فدرات حرب بين الطرفين انتهت بنصر الجيش الإسلامى، ولقد أرسل قائد الحامية رسالة إلى طليطلة وكانت عاصمة الأندلس أنذاك إلى لذريق ملك الأندلس.
يقول له لقد نزل علينا قوم لا ندرى اهم من أهل الارض أم من أهل السماء قد وطئوا إلى بلادنا فلتنهض الى بنفسك.
ما هو رد فعل لذريق وماذا فعل؟
لم يكن لذريق يعلم بقدوم الجيش الاسلامى وكان مشغولا ببعض الثورات فى الشمال ولما علم نزل عليه الخبر كالصاعقة.
وجن جنونه وخاصة بعد هزيمة القوط فى المنطقة الخضراء، و بدأ بتجهيز جيش هائل من القوط بلغ عدده مائة ألف مقاتل لمواجهة المسلمين.
ولما علم طارق بن زياد أرسل إلى موسى يطلب المدد فأرسل إليه جيش قوامه خمسة آلاف مقاتل بقيادة طريف بن مالك.
ليصبح قوام الجيش الإسلامى اثنى عشر مقاتل استعدادا للمعركة الفاصلة.
ولننظر إلى حال الجيشين : جيش القوط مائة ألف مقاتل بقيادة لذريق ومعه العجل تحمل الكسا والاموال.
ويأتى لذريق على سرير تحمله ثلاث بغلات محلى بالدر والياقوت، وجاء معه بغال محملة بالحبال ليقيد بها ايدى المسلمين وأرجلهم بعد هزيمتهم.
الجيش الأسلامى جيش صغير لكنه متماسك مؤمن بعقيدته متحلى بالصبر والأيمان مستعد الموت فى سبيل العقيدة.
المعركة الفاصلة بقيادة طارق بن زياد
فى 28 من رمضان سنة 92 هجرى بوادى الرباط دارات معركة من أشرس المعارك بين الطرفين رغم المفارقة الواضحة بين الجيشين.
الناظر العادى يرى الشفقة على جيش الإسلامى فهو صغير العدد والعتاد.
ولكن الناظر المحلل يرى الشفقة على جيش القوط.
شتان بين فريقين فريق خرج محبا للقتال محبا للموت، وفريق مجبرا على القتال لا يشغله إلا الحفاظ على حياته.
بدأ القتال الضارى الشرس بين المسلمين والقوط أمواج من جيش القوط تنهمر على المسلمين، والمسلمون صامدون صابرون.
استمرت ثمانية أيام سطر فيها المسلمون كثير من البطولات واستشهد كثير منهم.
وقتل كثير من القوط إلى أن كتب الله النصر للمسلمين والهزيمة الساحقة للقوط ومقتل لذريق وتشتت جيشه.
بدأ المسلمون وعددهم اثنى عشر ألف، وانتهت المعركة وعددهم تسعة ألاف مقاتل.
نتائج المعركة بقيادة طارق بن زياد
فكانت حصيلة الشهداء ثلاثة ألف شهيد رووا بدمائهم الغالية أرض الأندلس لينشروا هذا الدين فى هذه الأرض البعيدة.
وغنم المسلمون غنائم كثيرة أهمها الخيول.
عندما وصلت الأنباء فى المغرب العربى نصر جيش طارق وفد بعض المسلمين ملتحقين بجيش طارق بن زياد.
وتوجه على رأس جيشه إلى طليطلة عاصمة القوط.
ولم يكن هناك فرصة بعد ه الهزيمة الساحقة فرصة لتجمع جيش كبير من القوط لمواجهة طارق بن زياد وخاصة بعد مقتل لذريق.
مر طارق بن زياد بمدينة شذوته وفتحها، ومر بمدينة مورور وفتحها ثم عطف على مدينة قرمونة وفتحها ثم تقدم إلى اشبيلية فصالح أهلها على الجزية.
ثم اتجه بعدها إلى مدينة استجة درات معركة مع الجيش القوطى وهزمهم، وفتحها حتى وصل إلى طليطلة.
وقام بفتحها،ومعاملة أهلها بلطف على خلاف رأى موسى الذى اوصها بعدم الإسراع فى فتح طليطلة خوفا على الجيش.
لكن الحماسة وارتفاع الروح المعنوية هى التى شجعته على فعل ذلك.
هل حقا طارق بن زياد أمر بحرق السفن؟
رواية أن طارق أمر بحرق السفن وقال لجيشه البحر من ورائكم والعدو من أمامكم حتى يحمس الجيش على القتال.
اختلفت الاقاويل فبعض العلماء يرى صحة الراوية وبعض يكذبها والأرجح عدم صحتها لا يوجد سند صحيح فى كتب التاريخ حول هذه الرواية.
لكونها إتلاف بدون مبرر للسفن وإن كان لتحميس الجيش وكيف يعقل ذلك ان يفعل شىء ضد الشرع، وهذا نوع من الإفساد.
وعدم وجود حديث بين موسى وطارق عن هذا الأمر ولأن المسلمون دخلوا الأندلس أما الفتح أو الشهادة لم يكن فىى ذهنم الهروب والعودة إلى المغرب العربى.
ماذا فعل موسى عندما علم بتقدم طارق بن زياد ؟
جهز موسى جيش قوامه ثمانية عشر ألف مقاتل، وأخلف ابنه على المغرب العربى.
وعبر المضيق فى رمضان سنة93 هجرى، وكان الجيش خليط من البربر والعرب وبعض من التابعين وصحابى واحد هو المنذر الافريقى.
متى تم لقاء ما بين موسى و طارق بن زياد وكيف كان؟
فى بداية زى القعدة سنة94 هجرى اتجه صوب طليطلة وأرسل إلى طارق ليقابله.
وبالفعل خرج طارق وتقابل الجيشين فى مدينة طلبيرة تبعد عن طليطلة 15 كيلومتر.
وبعد اللقاء اتحدا معا واتجها إلى الشمال لاستكمال الفتح الإسلامي لباقى المدن منها برشلونة وسرقسطة .
فى خلال ثلاث سنوات ونصف استطاع موسى وطارق بن زياد والجيش الإسلامى فتح كل بلاد الأندلس.
عدا منطقة يقال لها صخرة بلاى وقد عزم موسى على فتحها لكن أتاه ما لم يكن يتوقعه.
من أقصى بلاد الشرق عاصمة الخلافة دمشق ياتى أمرا من الخليفة الاموى الوليد بن عبد الملك أن يوقف الفتح
وأن يتوجه موسى ومعه طارق إلى دمشق، ولما علم موسى حزن حزنا شديدا ولكن لم يكن من موسى الا الامتثال إلى الأمر .
لكن قبل أن يصل موسى إلى دمشق قد مات الوليد وتولى أخوه سليمان الحكم.
وكان على رأى اخيه خوفا على هلكة الجيش الإسلامى وتوغله فى اوروبا قبل أن يستقر الأمر فى الأندلس.
خاتمة موسى بن النصير وطارق بن زياد
بعد عام من قدوم موسى إلى دمشق كان سليمان بن عبد الملك ذاهبا إلى الحج.
وهذا ماوافق موسى واشتياقه إلى الحج ورؤية مدينة رسول الله وبالفعل ذهب معه.
وهو فى طريقه قال اللهم إن كنت تريد لى الحياة فاعدنى إلى الجهاد، وإن كنت تريد لى غير ذلك فأمتنى فى مدينة رسول الله.
وبالفعل بعد الحج وفى طريق عودته مات فى مدينة رسول الله رحم هذا القائد العظيم الذى كان له فضل على المسلمين .
أما رفيق دربه طارق بن زياد فقد انقطعت أخباره بعد عودته إلى دمشق ولا أحد يدرى هل بقى فى دمشق أم عاد إلى الأندلس.
لكن لا أحد يستطيع أن ينسى هذا القائد المحنك الفاتح، ومهما بلغ ثناء المؤرخين عليه فانهم لا يستطيعون إعطائه حقه.
بداية عهد جديد بعد الفتح على يد طارق بن زياد
بعد انتهاء عهد الفتح يبدأ عهد جديد فى الأندلس يطلق عليه عهد الولاة يبدأ 95 هجرى وينتهى فى 138 هجرى.
وكان الوالى يتبع الخليفة الاموى فى دمشق وكان أول والى هو عبد العزيز بن موسى بن النصير، وسوف نستعرض هذا العهد فى المقال القادم.
انتظرونا إسبوعيا.
اترك تعليقاً