أنا و الملائكة و الشيطان و حوار مع النفس



أنا: إن شاء الله بكره الصبح هروح و أكلمه احنا أصحاب من زمان النفس أمارة بالسوء يا أخي.

الأول: ايوه يا عم انتم طول عمركم زي الأخوات و هو ده الصح.

الثاني: خليك كده تتساهل في حقك كل مرة و كل مرة يديك على دماغك. خد موقف و لو لمرة في حياتك.

أنا: عندك حق أنا كل مرة هتساهل معاه. أنا هسيبه لحد ما يجيلي راكع.

الأول: يا أخي اتقي الله و استغفر ربنا و متمشيش ورا كلامه. ده هيغرقك.

الثاني: أنا عمري نصحتك نصيحة غلط. اسمع كلامي بس و انت تكسب.

ما كان في السطور السابقة ما هو إلا مجرد مثال لما يتبادر في ذهنك من أفكار تناقضية إذا ما عرض لك عارض ما.

هو صراع دائم بين شخصين بداخلك أحدهما ينصحك للخير و الآخر للشر.

انتصار أحد الطرفين على الآخر يتوقف على قرارك أنت.

كل منهما يوجه لك نصيحته التي يريدها هو و ليس التي تريدها أنت. أنت تنصت لهما بداخلك و الغلبة هنا للأقوى.

لكن هل فكرت يوما مع من تتحدث؟ من هم الأول و الثاني؟

هل هما عقلك الباطن؟ هل هو صراع بين الخير و الشر بداخلك؟

أم هما همس الملائكة و وساوس الشيطان؟

هل هو حوار مع النفس؟ هل هي الروح التي تتحدث إليك؟

هل هو حوار مع النفس؟


هناك من يحدثك

كثيرا ما تجلس وحيدا تفكر بشأن الكثير من الأمور. لكنك تجد أن هناك من يحدثك.

كثيرا ما تجلس وحيدا تفكر

هناك من يهمس لك بالنصيحة الطيبة و يوجد أيضا من يوسوس لك ليدلك على طريق الشر.

يدور هذا الصراع بداخلك و كل له مبرراته التي يحاول جاهدا أن يقنعك بما يريد.

لطالما تساءلت مع من أتحدث؟

ذات مرة صارحت أحد الأصدقاء بما يخطر ببالي من أفكار حيال ذلك الموضوع و إذا به يفاجئني بالرد ” انت بتتكلم مع اتنين أنا بتكلم مع سته “

اقرأ أيضا  قصة سيدنا آدم عليه السلام ..وما هو الفرق ما بين معصية آدم ومعصية إبليس لعنة الله عليه

إذن هي حقيقة لا يمكن إنكارها.

هناك دائما صراع فكري يدور بين الشخص و شيء ما لا نعرفه و في الوقت ذاته لا يمكن تجاهله. فلابد أن تنصت له.

هل هو همس الملائكة و وساوس الشيطان؟

جميعنا يعرف الملائكة و أنهم من خلق الله جل و علا .

نؤمن بوجودهم إيمانا تاما و الحمد لله. خلقهم الله من نور. أسند اليهم تكليفات معينة. بعضها في السماء و بعضها في الأرض.

هم خلقوا قبل البشر. و لا يحصي عددهم إلا الله. لا نعرف إلا القليل منهم بالاسم كسيدنا جبريل و اسرافيل و ميكائيل عليهم جميعا السلام.

حدد الله سبحانه و تعالى لكل منهم وظيفته و التي يأتي على رأسها تسبيحه و تقديسه. منهم على سبيل المثال حملة العرش و خزنة أهل النار و الجنة.

و منهم أيضا من هو موكل بحفظ الانسان و منهم من يدون ما يفعل أو ينطق الانسان من أفعال أو أقوال صغيرة كانت أو كبيرة. وهناك أيضا من يدعو لبني آدم.

و لكن لم يثبت أبدا في القرآن أو السنة أن هناك من الملائكة من هو موكل لارشاد الانسان لطريق الصواب أو ينصحه لفعل الخير.

كما أننا نعرف أيضا الشيطان تمام المعرفة. نعرف أنه العدو الأول لبني البشر.

عدو النفس البشرية الأول

نعرف أنه دائما يوسوس للانسان بكل ما هو سيء. و أنه يجري فينا مجرى الدم في العروق.

و لكننا نعرف كيف نتعامل معه. فبمجرد الإستعاذة بالله من الشيطان يكفه الله عنك. و بهذا يبعد عنك ذلك الرجيم.

و لهذا تساءلت من يحدثك بالشر بعد الإستعاذة بالله من الشيطان؟ إذن قد تكون النفس!

ما هي النفس؟

لا يوجد للنفس تعريف دقيق حتى الآن. بل هي مجرد فرضيات لا أكثر مجرد اجتهاد من العلماء ليس إلا.

اقرأ أيضا  إبليس – الشيطان، من هو، و كيف كان ذكره في القرآن الكريم

منهم من قال أنها الروح. منهم من اقترح أنها الدم. و ذهب بعضهم أنها البدن. و لكن من المؤكد أنها شيء غير مادي.

وردت كلمة النفس في القرآن الكريم في أكثر من موضع. و لكن أتى ذكرها في القرآن من باب توضيح أنواعها و ليس ماهيتها.
واليك بعض الأمثلة:

 أعلى الرجات التي قد تصل لها النفس البشرية هي النفس المطمئنة:

” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي “

هناك أيضا النفس الأمارة بالسوء:

” وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ” يوسف (53).

و المعنى واضح فهي تأمر الانسان بالسوء و ترغبه في كل ما هو آثم  سواء أن كان بالترغيب أو الترهيب.

كما تجد أيضا النفس اللوامة:

”  وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة ” القيامة (2).

و هي الحلقة الوسط بين الاثنين. تلوم صاحبها على فعل المعاصي و ترغمه على الاعتراف بذلك بأن هذا خطا.

أي أنها تحاول أن تدله للخير و تنهاه عن الشر مرارا و تكرارا.

هناك أيضا النفس اللوامة

كما قال الله تعالى ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ” الشمس (7-8).

الله سبحانه و تعالى خلق الانسان على أحسن فطرة و أوجد بداخله ما يجعله يميز الخبيث من الطيب أي بين التقوى و الفجور.

هوى النفس أم وساوس الشيطان:

و من هنا نصل إلي أن هوى النفس أقوى من وسوسة الشيطان.

الشيطان  يكون هدفه هو ارتكابك الذنب على أي صورة أيا كان ما هو سواء كنت تحب تلك المعصية أم لا.

فأنت هنا تفعل الذنب و أنت ناسيا الذنب و العقوبة بتوجيه من الشيطان .

اقرأ أيضا  كيفية التخلص من الأفكار السلبية في العقل الباطن .. طرد الأفكار السلبية في دقائق

بينما تفعل النفس الذنب عن عمد و هي مدركة تمام الادراك كونه حراما ولكنها تهواه و تحبه.

وما يؤكد أن هوى النفس أقوى من وسوسة الشيطان قوله تعالى:

” الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ” النساء (76).

حتى أن الشيطان نفسه يقول :

” قَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ ” إبراهيم (22).

و إذا تساءلت عن ماهية الروح و الفرق بينها و بين النفس؟

ستجد الرد بسيط ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ” الاسراء (85).

إذن لا يحق لنا الحديث عنها من الأساس.

بل إن الامام الشعراوي رحمه الله لما سئل عنها قال أن كل من تكلم عنها كاذب و وصف الحديث عنها بالحرام.

هل هو حوار مع الروح؟

العقل الباطن:

أما عن أنك تتحدث مع عقلك الباطن فهو بعيد لحد كبير عن الصحة.

لأن العقل الباطن هو مجموعة العناصر التي تتكون منها شخصية الانسان سواء كان يدركها أو لا يدركها و بناء عليه تظهر سلوكيات الفرد.

العقل الباطن لا يحدثك

إذن لا علاقة بين ما يهمس في أذنك و عقلك الباطن.



الخلاصة:

الحديث عن النفس البشرية ليس بالحديث الذي يمكن الإلمام به في مقالة بل يحتاج للكثير و الكثير من الكتب.

و بعد كل ما سبق أجد أن ( طبقا لمبدأ استفت قلبك ) الأقرب الى قلبي و عقلي  أيضا هو:

ما يحدث ما هو إلا حديث النفس و هذان الأول و الثاني هما التقوى و الفجور. و أنت تختار طبقا لما يلهمه الله لك. والله أعلم….


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *