مواقع التواصل الاجتماعى .. كيف حولت حياتنا إلي مجموعة من الحروف والارقام

متي آخر مرة زرت قريب لك ؟ متي آخر مرة أحسست بدفء يد حبيبك ؟ متي آخر مرة جلست لساعات مع والدك أو والدتك أو أخوك تتكلمون وتتناقشون وتضحكون من القلب ؟

لا تكذب علي نفسك، فقيامك بأحد هذه الامور لا يغني عنها جميعا , والسبب ؟ , بكل بساطة مواقع التواصل الاجتماعي !

نعم فلقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي للتهنئة بالمناسبات الجميلة كالزفاف والخطوبة و قدوم مولود جديد , كذلك اصبحت للمواساة في الظروف السيئة من مآتم و حوادث وخلافه !

لدرجة أن تمني البعض وجود أزرار ” الف مبروك ” و ” عظم الله أجركم ” بدلا من الإعجاب والنشر .

متي آخر مرة هنئت صديقك بعيد ميلاده ولو حتي بمكالمة تليفونية بدلا من حروف وأرقام علي الفيس بوك ؟

لمن لا يعلم منكم فلقد تم صنع الكمبيوتر والهاتف المحمول ليفهم الحروف والارقام، ولكن هل قام الكمبيوتر أو المحمول مرة بتهنئتك أو مواساتك ؟ , بالطبع لا فهو آلة لا تحس مهما بلغ بها الذكاء، فهي صنع بشر , وللاسف تحول البشر الآن إلي هذه الآلة.



اصبحت جلساتنا خالية من الضحك والنقاشات الجادة، وتحولنا إلي ألآت تجلس في المقاهي والكافيهات. نترك البشر حولنا ونتعامل مع الآلة , نرسل رسالة لهذا قابلني في المكان الساعة كذا , ونرسل رسالة لهذه وحشتيني جدا , وكاننا فقدنا ألسنتنا !

أصبحنا مجرد سلعة في يد تجار مواقع التواصل الاجتماعي , فمن منا الآن لا يشتري أغراضه منها , أو يحكم علي منتجات يستخدمها في حياته عن طريق آراء الناس علي هذه المواقع , بل تحولنا إلي أن نكون نحن السلعة , نعم أصبحنا نحن السلعة، صفحات تكسب مبالغ طائلة من وراء الإعلانات لمجرد أنك ضمن قائمة معجبيها التي تخطت الملايين .

اقرأ أيضا  أغرب الأماكن للتعرف على شريك حياتك المستقبلى.. أفكار لن تصدقها

تم نشر أحد المقالات في جريدة الاندبندنت مطلع عام 2014 تتحدث عن أن قراءة المخ البشري المستمرة لمواقع التواصل الاجتماعي قد تحل بديلا – بمرور الوقت والتعود – عن التواصل الإنساني , ولمن لا يفهم المعني دعونا نضرب مثالا بالمدخنين , فمخك البشري يفرز ما يحتاجه الجسم من النيكوتين ولكن بمجرد أن تبدأ بالتدخين وتستمر عليه فان مخك يتوقف عن إفراز النيكوتين لاعتماده علي البديل الخارجي من السجائر وخلافه .

هكذا هو الحال بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي , فمخك البشري تعود أن يتواصل مع المجتمع حولها بالحديث والإيحاءات الجسدية والعصبية، ولكن بمجرد حلول البديل ( مواقع التواصل الاجتماعي ) يبدأ مخك بقراءة هذه المستجدات وكيف انها توصل أفكاره بدون تعب من أعضاء جسمك في توصيل الإحساس أو الإيحاءات .

الكارثة ليست في ذلك فقط، ولكن تظهر بوضوح حينما ننشئ أطفالنا علي هذه الألآت , لاغين كل ما يمكن أن نعلمهم إياه من قيم ومبادئ التواصل مع العائلة والحب والإخلاص وعدم التصنع والصراحة وإظهار العاطفة .

في النهاية أتمني أن يقف كل منا مع نفسه ليقيم كيف تحولت حياته إلي حروف وأرقام، وما هي المشاعر التي أفتقدها , وسنقوم بمناقشة كيفية تخطي هذه المراحل لنعود بحياتنا إلي صيغتها البشرية المعهودة في قادم المقالات باذن الله تعالي.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *