حسن الظن بالله الطريق الأفضل لراحة البال

فاعلم أن ظنك في محله



نتناول فيما بيننا على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الرسائل متضمنة آيات من الذكر الحكيم أو الأحاديث الشريفة و التي ضمنيا تحثنا على حسن الظن بالله.

نتناولها داخل اطارات جميلة تدعونا للتفاؤل و الصبر و الكثير من المعاني القيمة .

لكننا نمر عليها مرور الكرام أو نضغط أعجبني أو نعلق تعليقا مختصرا بكلمات بسيطة.

ونغض البصر عن التعمق الحقيقي فيما تحمله هذه الآيات و الأحاديث من طاقة ايجابية لا نهائية.

كم أنهك خبراء التنمية البشرية أنفسهم و أنفسنا معهم في ايصال تلك الطاقة الايجابية الينا.

و الحقيقة أنها موجودة بين أيدينا نقلها لنا أكمل الخلق عن خالقه عز و جل.

و اليك بعض الامثلة لما هو لا حصر له:



أحسن الظن بالله:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم:

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )) رواه  البخاري عن أبي هريرة.

أنا عند ظن عبدي بي

اذن أحد أهم مفاتيح الراحة النفسية لنا هو حسن الظن بالله.

علينا دائما أن نتوقع منه الخير مهما كان الابتلاء فكلما اشتدت عليك الدنيا بهمها تذكر أن تحسن الظن بالله و لن يخذلك.

فهو قد وعدك اياها من قبل ألم يقل سبحانه و تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة (١٨٦).

و تارة أخري حين قال (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ ) غافر (٦٠) فقد أعطاك مفتاح آخر يجعلك لا تحما للدنيا هما ألا و هو الدعاء.

فلم نخاف و مم نخاف؟

أنت لا تعلم الغيب:

( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ) الطلاق (١).

لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

ذكر الله جل و علا هذه الآية في أول سورة الطلاق.

ليبين أنه لو حدث الطلاق بين الزوجين فمن الممكن أن يكون فيه خير للطرفين.

فكلاهما لا يعرف ما سيحدث له بعدها.

ان كان الله قد خص هذه الآية في الطلاق فهذا لا ينفي كونها قاعدة عامة من الممكن تطبيقها في كل نواحي الحياة.

يجب أن تؤمن انه ان ضاعت منك فرصة ما فمن الجائز بعدها أن يحدث ما يثلج صدرك و يفرح قلبك فأنت لا تعلم الغيب. و هذا من صميم حسن الظن بالله.

طاقتك أكبر مما أنت مكلف به بكثير:

دعني أشركك عزيزي معي في تلك القصة التي حدثت لي بالفعل (فأنا لا ابرىء نفسي أبدا من تلك الوساوس التي تداهمني و تداهمك ليلا نهارا):

ذات يوم كنت في غاية الاجهاد و كان علي انجاز الكثير من المهام و مسني الضجر و الغضب كثيرا وقتها.

و اذا بي تذكرت قول الله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة (٢٨٦) فاطمئن قلبي كثيرا.

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

حدثت نفسي قائلا ان الله أعلم بكل شيء.

اذن هو أعلم بأني أستطيع أن أنجز كل هذا و أنه بوسعي و الا لم يكن ليكلفني به.

و حينما تناولت ذلك التفكير مع أصدقائي قال لي أحدهم:

أنني أسأت التفسير نسبيا و أن الله لا يكلف نفسا الا وسعها فعلا و لكن نحن نكلف أنفسنا أكثر مما تطيق.

بينما كان رد الآخر:

ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها حينما أقر العبادات كالصلاة و الصوم فهو يعرف تمام المعرفة اننا بوسعنا انجاز الصلاة مثلا كما اقرها و كذا جميع العبادات.

حينما تعمقت في القراءة عن تفسير هذه الآية وجدت الآتي:

أن للنفس البشرية ثلاثة أشياء:

هم ما لا قدرة لنا عليه و هذا خارج نطاق التكليف و ثانيا ما لنا قدرة عليه بمشقة و ثالثا شىء في الوسع و هذا هو ما يكلفنا به الله.

اذن الله لا يكلفنا الا بتكليف تكون فيه طاقتنا أوسع من التكليف.

واليك سبب نزول هذه الآية لتعلم الى أي مدى يصل لطف الله بعباده.

أنه لما أنزل الله على نبيه الكريم (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ) البقرة (٢٨٤) ضج بها المؤمنون.

فما كان منهم الا ان شكوا لرسول الله أن هذا ما لا يطيقون ( اي الوسوسة).

فكان الرد أن أنزل الله سبحانه و تعالى(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا).

كان ذلك ليتجاوز به الله للمؤمنين عما حدثوا به أنفسهم (و هو أعلم بما سيحدث).

فأي رحمة تلك التي يعاملنا بها الله العلي العظيم ألا يدفعنا هذا الى حسن الظن بالله؟

اعلم أن الله سيرضيك بفضله:

( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ) الضحى(٥).

و لسوف يعطيك ربك فترضى

فبهذه الآية يعد الله سبحانه و تعالى نبيه محمد (عليه أفضل الصلاة ووالسلام) بانه سيعطيه من كرمه و فضله ما يحصل له به تمام الرضا في الدنيا و الآخرة.
و لا حرج أن نتمثل بها على سبيل التفاؤل اذا مسك شيء من الضيق.

اللهم لا صعب الا يسرته:

مهما واجهتك من مشاكل و صعوبات تذكر أن هناك سورة الشرح.

الذي يقول فيها العزيز القدير في الآية الخامسةفَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)و أكدها ثانية في الآية السادسة.

إن مع العسر يسرا

فاذا بالخالق أقرها في قرآنه فلم الخوف فلا صعب الا يسره لنا الله باذنه.


هل ينساك الله ؟؟؟؟

و ما كان ربك نسيا

حينما أبطأ الوحي على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم قال لجبريل عليه السلام (ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثرَ مِمَّا تَزُورُنا).

فنزلت هذه الآية الكريمة (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) مريم (٦٤).

فحينما ننظر الى هذه الآية و نتأمل فيها تجد من الراحة النفسية ما يكفيك لتنام قرير العين.

فمهما عانيت من هم و ظلم اعلم أن الله لن ينساك أبدا.

هذه مجرد بعض من آيات الذكر الحكيم التي نتواصل بها بعضنا العض و لكن الأهم هو فهمها و الايمان بها.

حينما شرعت في الحديث عنها لم يكن القصد هو الحديث عن أمور فقهية أو الخوض فيما يخص صميم الدين.

فأنا لست من أهل التخصص و له رجالاته الذين هم أعلم به و أفهم له.

و لكن هي محاولة لاطمئن نفسي و اياكم بانه كلما زاد اليقين بالله و رحمته كلما رزقنا الله براحة البال.
راحة البال التي نقضي عمرنا كله نبحث عنها.

فالنجاح ليس بأيدينا و لكنه بيد الله و لكنه بين يديك, داخل قلبك و أمام عينيك اذن فلينطق به لسانك.

فأي طمأنينة تلك التي تشعر بها حينما تنطق بتلك الكلمات التي تزيل الهم عن قلوبنا و تكشف عنها الغم.

حينها فقط ستتأكد أن ظنك في محله و تتأكد أن حسن الظن بالله الطريق الأفضل لراحة البال.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *