أغنى شخص فى التاريخ (هل هو بيل جيتس ، وارن بافت ، أماتشيل روتشيلد؟ ).
هل خطر على بالك كم تبلغ ثروة أغنى شخص فى التاريخ ؟ ومن هو ؟ وكيف كانت ثروته ؟
حاول الكثير من علماء الاقتصاد الإجابة على هذه الأسئلة ووضعوا معايير معينة لحساب الثروة عبر اختلاف العصور لتجنب معدلات التضخم الاقتصادى واختلاف قيمة العملة باختلاف الزمان ثم وضعوا قائمة لأغنى الشخصيات عبر مختلف العصور .
ولكن رغم ذلك نعتقد أنهم فشلوا فى إجابة السؤال، ونعتقد أنهم لم يتمكنوا من الوصول لصاحبى المركزين الأول والثانى .
فما هو الدليل على ذلك ؟
وما هى مصادر ثرواتهم؟
قبل أن نذكر صاحبى المركزين الأول والثانى لنتابع قائمة الاقتصاديين ونرى من هم الأشخاص الأغنى عبر التاريخ وفقا لاختيارهم ومعاييرهم.
أغنى شخص فى التاريخ وفقا للاقتصاديين
نشرت جريدة الشرق الأوسط فى عددها الصادر يوم الجمعة 3 ذى الحجة 1433هـ – 19 أكتوبر 2012م هذا التقرير لموقع “سيليبرتي نت وورث” ومفاده أن:
أغنى شخص فى التاريخ هو ملك إفريقي مسلم عاش قبل 700 عام، ولد عام 1280 ميلادية وتوفي عام 1337.
هذا الملك هو منسى موسى الأول والذى عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، فيما يعرف الآن باسم مالي وبعض المساحات الشاسعة حولها والتى تشمل غانا أيضا.
ظل يحكم هذه الامبراطورية الكبيرة لمدة طويلة أكثر من ثلاثين عاما.
ووفقا لموقع “سيليبرتي نت وورث” المشرف على هذه الدراسة ، فإنه بحساب التضخم الزمني، فإن الملك منسى موسى الأول هو أغنى رجل في تاريخ البشرية، بثروة تقدر بالتقييم الحالي (بالدولارات) بـ400 مليار دولار أو أكثر.
منسى موسى يحمل الذهب كما رسمه الأسبانباقى قائمة الأغنى عبر التاريخ
تأتى بعد ذلك عائلة روتشيلد التاريخية، التي برز ثراؤها منذ القرن الثامن عشر، وقيم الموقع ثروة العائلة المجتمعة الموزعة بين دول العالم المختلفة بـ350 مليار دولار.
وصنف الموقع الثري الأمريكي جون روكفيلر (1839 – 1937) كثالث أغنى رجل في التاريخ البشرى بثروة قدرها بـ340 مليار دولار.
فيما تم وضع الثري الأمريكي، الإسكوتلندي الأصل، آندرو كارنيغي (1835 – 1919) في المرتبة الرابعة بثروة قدرها الموقع بالتقييم الحالي بـ310 مليارات دولار.
ومن اللافت أن الموقع يصنف العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في المرتبة الثامنة بين أغنياء العالم عبر التاريخ بثروة قدرها بـ200 مليار دولار.
وصنف الموقع الأمريكي بيل غيتس في المرتبة الثانية عشرة بثروة قدرها 136 مليار دولار.
فيما جاء المكسيكي من أصل لبناني كارلوس سليم حلو في المرتبة 22 بثروة قدرتها 68 مليار دولار.
بينما جاء الثري الأمريكي وارن بافيت في المرتبة الخامسة والعشرين بثروة قدرها بـ64 مليار دولار.
واللافت أنه لا توجد امرأة واحدة وفقت في دخول قائمة الـ25 التي أعدها الموقع لأغنى أغنياء العالم عبر تاريخ البشرية.
كما ظهر فى القائمة بعض الحكام مثل ليوبولد الثانى (بلجيكا) ونيكولاس الثانى (روسيا).
وفي ما يخص حساب التضخم الزمني، ذكر الموقع أن معدل التضخم بين 1913 و2012 هو 2199.6%، مما يعني أن مبلغ 100 مليون دولار في عام 1913 يعادل 2.299.63 مليار دولار في 2012.
كما ذكر الموقع أنه اعتمد سعر أونصة (أوقية) الذهب بتاريخ 17 أكتوبر 2012 في حدود 1750 دولارا.
لماذا كان هذا اختيار الاقتصاديين؟
يبدو أن الذهب بشكل خاص هو الذي رجح كفة الملك “منسى موسى الأول”، حيث إنه كان يمتلك أطنانا خرافية منه مثلما تنقل الروايات التاريخية.
هذا إلى جانب سيطرته أيضا على تجارة الملح المربحة بسبب توفر الملح بكثرة في مملكته ( كانت قيمته تقارن بقيمة الذهب حينها!).
وتقول بعض المصادر التاريخية إن مملكة منسى موسى الأول كانت تنتج أثناء حكمه نصف الذهب والملح المنتج في العالم.
وإذا كان موقع “سيليبرتي نت وورث” فاجأ كثيرين بإبراز اسم الملك منسى موسى الأول، فإن الرجل ليس مجهولا بالكلية.
حيث إن كثيرا من المؤرخين والرحالة العرب ذكروه في كتبهم ومن بينهم ابن خلدون، وابن بطوطة، والعمري.
وتنقل المراجع التاريخية الضجة التي أحاطت بالملك منسى موسى الأول، وشهرته التي ذاعت خاصة بعد رحلته إلى الحج عام 1324.
فقد ذكرت بعض المصادر أن هذه الرحلة ضمت 60 ألف شخص، من بينهم 12 ألفا يحملون أطنانا من الذهب، وأغدق الذهب على كل المناطق التي مر بها؛ ومن بينها القاهرة والمدينة المنورة.
تسببت هذه الرحلة فى خفض سعر الذهب لفترة طويلة، بحسب بعض المصادر، لمدة عشرين عاما أو أكثر.
وتنقل المراجع التاريخية أيضا ازدهار مدينة تمبكتو اقتصاديا وثقافيا، ومدينة «غاو» أيضا في شمال مالي.
كان للملك منسى موسى شقيق أكبر ترك له الحكم وخاض مغامرة فى بحر الظلمات (المحيط الأطلنطى ) للوصول إلى أراض جديدة لنشر الإسلام ، ولم يعرف أثار هذه المغامرة وقتها ، وعلام انتهت .
لكن بعض المصادر أشارت إلى وصول هذا الملك إلى أمريكا الجنوبية فعلا وتمكنه من نشر تعاليم الإسلام.
وجدت بعض المخطوطات الإسلامية التى ترجع لنفس الفترة الزمنية بأماكن متفرقة من أمريكا الجنوبية ولعل هذه الرحلة هى أصل اللون الأسمر بسكان أمريكا الجنوبية بعد ذلك.
ملاحظات و حقائق حول هذا التقرير
وقبل أن ننتقد هذا التقرير نود أن نشير إلى بعض الحقائق الهامة :
- كثير من المذكورين فى التقرير كانوا من القرنين 18 ، 19 وأوائل القرن العشرين ولهذا فقد استفادوا من فارق معدلات التضخم (أكثر من 20 ضعف).
- كان بعض هؤلاء الأثرياء سببا مباشرا لهذا التضخم عن عمد مثل روتشيلد و روكفلير بسبب سياساتهم الاحتكارية وتزكيتهم للحروب وإقراض الدول والجيوش قروضا ربوية بفائدة عالية.
- بعض الاقتصاديين ربط بين هؤلاء وبين الحروب العالمية والثورات الأوربية وخاصة أن الزيادة الكبرى لثرواتهم حدثت بعد هذه الأحداث الدموية (أثرياء حرب كما يطلق عليهم).
- تقييم الثروة قد يختلف باختلاف الأزمنة ،لتغير أسباب ومسببات الثروة فقديما كانت تقاس بالإبل والخيول وعدد العبيد والمساحات الممتلكة ،وحديثا بامتلاك الذهب والنفط والإعلام ، مما يصعب معه وضع معيار ثابت للحكم.
- تواجد بالقائمة بعض الحكام المستعمرين الطغاة مثل ليوبولد الثانى ونيكولاس الثانى، مما يعكس استخدام الحروب ونهب ثروات الأمم المحتلة لتحقيق الثراء.
- إذا أعيد التقييم بناءا على أسعار الذهب مثلا فى نهاية 2016 فستجد سعر الأوقية هبط إلى 1250 دولار فسيحدث بعض التغيير فى القائمة.
ولكن كما ذكرنا فإن هذا التقرير أغفل على الأقل صاحبى المركزين الأول والثانى ، فمن هما؟
أغنى شخصين فى التاريخ
نعتقد أن المركزين الأول والثانى من نصيب نبى الله سليمان و قارون (ذلك المتجبر فى قوم موسى).
ودليلنا على ذلك ما جاء فى القرآن عن سليمان عليه السلام وعن قارون :
فأما قارون فيقول الله تعالى عنه (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة ).
أى أن خزائن كنوزه ومفاتحها يصعب على الرجال الأشداء حملها، فما بالك بحجمها وقيمتها؟
فهل شكر نعمة الله عليه وإحسان الله إليه ؟
بالعكس، بل قابل ذلك بالكبر والنكران وجحد فضل الله عليه (قال إنما أوتيته على علم عندى) (فخرج على قومه فى زينته).
مثل كثير من أثرياء اليوم ينسب غناه لنفسه ويتجبر ويتكبر على خلق الله.
فكان الجزاء من الله (فخسفنا به وبداره الأرض) ، فيا لها من نهاية بئيسة له ولماله.
أما سليمان عليه السلام فقد دعى ربه بدعوة مستجابة فقال (رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب).
استغفر ربه قبل طلب الملك ونسب الفضل لله عز وجل الوهاب.
كيف كان ملك سليمان عليه السلام؟
كان من ملكه:
- تسخير الرياح له تجرى بأمره حيث أراد .
- تسخير الجن والشياطين للعمل بإمرته وصناعة المحاريب والقدور الضخمة والتماثيل واستخراج كنوز البحار وبناء الأبنية المختلفة.
- سيطرته على المعادن الهامة حيث أعطاه الله قدرة على إذابة النحاس (وأسلنا له عين القطر) مثل ما كان الحديد مع أبيه (وألنا له الحديد) وغير ذلك من صنوف المال والثراء.
- ضخامة جيشه وتعدد طوائفه من الإنس والجن والطير.
حتى أنه رد هدية ملكة سبأ لما جاءته وقال (أتمدوننى بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم) ، مع العلم بأن الهدهد وصفها لسليمان بأنها (أوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم)، ولكن ملكها لا يقارن بملك سليمان عليه السلام.
ولا نعلم أحدا اجتمع له كل ذلك من ملك وثروة قديما أو حديثا إلا سليمان عليه السلام.
ولهذا نظن أنه أغنى شخص فى التاريخ و أن أحدا لن يصل إلى ملكه ولا ثرائه إلى يوم القيامة .
جانب خفى من التاريخ
ولكن يبقى هناك جانب خفى من التاريخ لا نعرفه ذكره الله فى قصة قارون وهو ( أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ).
وهذا يعنى أن هناك من سبق قارون بمدة طويلة جمع أكثر منه ، ربما من قوم عاد أو من قوم ثمود فقد وصفوا كذلك بالغنى والجبروت والعمران فى أكثر من موضع.
ولكن تظل دعوة سليمان عليه السلام تجعله بعيدا عن المقارنة بغيره.
وهنا نلحظ الفرق بين الغنى الشاكر المستغفر الذى يعمل لمرضاة الله ونشر دينه وبين الغنى الناكر الجاحد الذى يحارب دين الله ويفتن الناس.
حتى أنك ترى الفرق بين منسى موسى وبين الآخرين، بين ملك غنى ينشر العدل ويتصدق على الفقراء وأثرياء ينشرون الحروب ويرتفعون على أشلاء البشر.
المال والثروة_ كغيرهما_ يمكن استخدامهما فى الخير والشر، فى دعوة الناس لله أو فى فتنتهم.
وختاما نذكر بدعاء أغنى شخص فى التاريخ، الغنى الشاكر سليمان عليه السلام :
(رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب) .
اترك تعليقاً